تفسير سورة الحِجْر، من قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}، الآية: 26

تفسير سورة الحِجْر، من قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}، الآية: 26
للاستماع إلى الدرس

تفسير فضيلة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة الحِجْر من قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}، الآية: 26، إلى قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}، الآية: 45

ضمن جلسات الإثنين الأسبوعية

نص الدرس مكتوب:

وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ (26) وَٱلۡجَآنَّ خَلَقۡنَٰهُ مِن قَبۡلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ (27) وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي خَٰلِقُۢ بَشَرٗا مِّن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ (28) فَإِذَا سَوَّيۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُۥ سَٰجِدِينَ (29) فَسَجَدَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ كُلُّهُمۡ أَجۡمَعُونَ (30) إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰٓ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّٰجِدِينَ (31) قَالَ يَٰٓإِبۡلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ ٱلسَّٰجِدِينَ (32) قَالَ لَمۡ أَكُن لِّأَسۡجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقۡتَهُۥ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ (33) قَالَ فَٱخۡرُجۡ مِنۡهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٞ (34) وَإِنَّ عَلَيۡكَ ٱللَّعۡنَةَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلدِّينِ (35) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ (37) إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡوَقۡتِ ٱلۡمَعۡلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِينَ (40) قَالَ هَٰذَا صِرَٰطٌ عَلَيَّ مُسۡتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوۡعِدُهُمۡ أَجۡمَعِينَ (43) لَهَا سَبۡعَةُ أَبۡوَٰبٖ لِّكُلِّ بَابٖ مِّنۡهُمۡ جُزۡءٞ مَّقۡسُومٌ (44)

الحمدُ لله مُكرِمنا بالوحي والتَنزيل على قلب عبده الجَليل خَير هادٍ ودَليل، سَيدنا مُحمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف صلى الله وسلم وبارك وكرَّم عليه ،وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار، ومن ولاهم في الله وعلى مَنهجهم سار وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياءِ والمُرسلينَ صفوة الإله الخالق البارئ الغفار، وآلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المُقربين وعلى جميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين .

وبعدُ،، 

فإننا في نِعمة تأمُلنا لكلام وخِطاب رَبنا وإلٰهنا -جَلَّ جلاله- وتَعليمه وإرشاده وتَبيينه، مَررنا على قَوله سُبحانهُ وتَعالى:  (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26))؛ ابتدَأت بِذِكر خَلقِنا وإيجادنا وهو الخالقُ الموجدُ لَنا جلّ جلاله وتعالى في عُلاه، وإذا قد ذكر أنهُ يَحشُرنا ويَجمعنا، ذَكر كَيف ابتَدأنا وابتدأ خَلقنا وإيجادَنا؛ وفي ذلك بيانٌ واسع على قُدرَتِه الشاملة وأن من ابتَدأ يُعيدُ وهو أَهون عَليه -جلَّ جلاله-، قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ) أصلَهُ الذي كَونَّا مِنهُ هذا الجَسد وهو آدم عليه السلام.

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ)، والصَلصالُ هو التُرابُ إذا اختلط َبالماءِ فصارَ صلباً قَويا فإن لم يُعْرَض على النار ولم يُطبخ فهو صلصال وإن عُرِّضَ للنارِ وطُبِخَ بها فهو الفَخار، ومرت مَرحلة خَلق الإنسان من تُرابٍ وطين بُلَّ بماء فصار حمأً مسنونا، والحمأ الطينُ المُسودُ باختلاطه بالماء المُنتن الرائحة. (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26))، فَتحوّلَ الحمأُ المَسنون لمَّا يَبِس إلى صَلصال كالفَخار إلا أنه لما لم يَتعرض للنار فَهو صَلصال، والفَخار هذه الأواني التي مِنَ الطينِ يجعل عليها الماء ثُم تُشَكَلُ ثُم تُعرضُ على النار فتأتي مِنها هذه الأواني الفَخار ثُمَ نُفخَ فيه الرُوح.

وكذلك نَجد نهاية هذا الإنسان، فإنه عندما تُخرجُ الروح من جسده وتُقبض روحه؛ يتصلَّب ويقوى فيصير صلصال كالفَخار. فإذا وُضِع في قبره، فعامَّة الناس يتحولون في القبور إلى حمأ مسنون ثم يصير ذلك الحمأ المَسنون إلى الترابِ والطين؛ فهي المراحلُ التي ابتدأ منها الخَلقُ فينتهي إليها، كما أنك إذا بَنَيتَ داراً فأردتَ أن تَهدمهُ فابدأ من آخر ما بَنيتَ َفتهدم ثم الذي تهدمه؛ وهكذا خُلقِ من تُراب وطين ثُم حمأ مَسنون ثم صَلصال كالفخار، فإذا مات عاد صَلصال كالفخار وخَرج إلى الحمأ المَسنون وعاد إلى الترابِ كما كان في البداية (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ) [طه:55]، هذا الحديثُ عن خَلقِ الإنسان مِن خالقِ الإنسان، فما مَعنى أن يُفَكر أي مَخلوقٍ، واحد من الناس ويقول ما كان أصل هذا الإنسان، ما معنى أن يُجعل هذا التفكير الأعوج الأخبل الأهبل نَظريات علمية؟ ويقول: الإنسان هذا كان أصله قرد، سنة كم بالضبط؟ قل لنا؟ طيب ثم بعد ذلك في سنةِ كم تحوَّل؟ طيِّب ما تعرف التوقيت؟! .. هل عندك صورة؟ .. حتى صورة! .. لا توجد  صورة !! .. هات حقيقة ... هات برهان !!.

فَكَّرَ في الليل، واحد مخبَّل وقال: هكذا أصل الإنسان، بدون برهان، أين  الدليل؟ لا يوجد دليل، ثم بعد ذلك صار كلامك نظرية علمية؛ هذه أوهام خَبَلية سموها نظرية علمية!! وقالوا: نظرية فلان ودرَّسوها في بعض المدارس حتى في مدارس المسلمين، -سبحان الله!!- خالق الإنسان يخبرنا كيف خلق الإنسان، يأتي واحد ويقول: أنا أقول لكم كيف خُلق الإنسان. اسمع؛ هل انت خلقتَ نفسك؟ لا. هل خلقتَ أمك؟ لا . هل خلقتَ أباك؟ لا.  هل خلقتَ ابنك؟ لا. انت ستقول لي كيف خُلق الإنسان؟! لماذا؟ هل لأنك حضرْتَ خلق أول إنسان؟!  متى جئت أنت؟! ما الخبالة هذه؟! ما الجهالة هذه؟! ماالضلالة هذه؟ أمرغَيبي بَعيد لا تَعرفه؛ يَعرفه الذي خَلق -جل جلاله وتعالى في علاه-، وهذا بداية خَلق الإنسان. لما جاءوا بهذه التي سَموها نظرية، لأنهم دَرَِّسوها في بَعض المَدارس، كان واحد أُبتلي بزخرف القول الذي يقال له، قال: صحيح الإنسان أصله قرد والإنسان بعدين هو تطور !! ..  وبعدين.. كيف؟!! مسكينة هذه القرود الموجودة ما لها لا تتطور؟! لماذا تبقى هكذا على طول؟ يا الله لم يدري أي قرد هذا الذي تطور؟ وباقي القرود لا تتطور؟! والله خيالات وأوهام. 

كان في مدينة عدن، شكوا للشيخ محمد بن سالم البيحاني، إن الرجَّال يقول كذا، قال لهم: اتركوه، كان معه جماعة من الأصدقاء يَخرجون نُزهات مِن وَقت إلى وَقت، قال: بُكرة عندكم نُزهة ستخرجون إليها؟ قالوا: بلى. قال: سنمُر عليه  في بيته، لا تنادون عليه، أنا بنادي عليه، خرج، وصَلَوا عند باب بيته: يا بن القرد -ينادي عليه-، يقول: يا ابن القرد، الرجل يقول: من هذا؟ جاء ليرى من المنادي، قال: أنت، أنت يا شيخ بيحاني تقول هكذا!  قال: ما أنا قلت، انت قلت لنفسك، أنا ما أنا ابن قرد ولا من معي كلهم، انت .. انت قلت: ان الانسان اصله قرد؛ انت ابن القرد. قال: لا تقول هكذا.  قال: وإنت لاتقول هكذا. قال: خلاص انا لن أقول هكذا خلاص. كلام غير معقول، غير مقبول،  ليس له أصل ، ليس له دليل، ولا بعض دليل (ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ) [الأحقاف:4]؛ أي أثارةٍ مِن عِلم؛ أي أثارة فقط للعلم ليدلنا على هذا الأصل وهذا التكوين وهذا الخلق وهذا الإيجاد، ونهاية الإنسان تدل على أوله وهي كما ذكر الخالق -جلّ جلاله وتعالى في علاه-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ).

وهكذا لما اشتبهت المَوازين على الناس فيما بينهم ما جعل الله تعالى من نوع الرجل والمرأة والذكر والأنثى في الأشياء كلها، ومنها بني آدم لخصائص ولمزايا يخص بها كل أحد، وما فيها احتقار لجنس على جنس ولا تفضيل جنس على جنس على الإطلاق إلا بحسب الخَصائص، والأخذ بها على الأوجه يختلفون على ذلك. فَجاءوا ينظرون إلى مسألة المرأة والرجل؛ 

  • إما في نَظرة التَكشف والبروز وعدم الحجاب لأن الله فَرض على المرأة أن تَحتَجب وتستر زينتها؛ لأن ذلك خَير لبني الإنسان ومجتمعات الإنسان أن يثور بينهم السوء أو الشر، وأي محذور فيه؛ حكمة واسعة عظيمة، فَجاءوا يقولون المرأة مثل الرجل .. كيف يعني؟ يعني هو يكشف وجهه وهي تكشف وجهها، هو يكشف شعره وهي تكشف شعرها هذا المعنى؟! عجيب!! ما رأيكم في قرون كانت المرأة تستر محاسنها؛ الآن بغينا عدالة بغينا كم قرون نجلس نحن الرجال نتستر.. هل ممكن؟ 
  • طيب دع هذا، هناك مُشكلة أكبر من هذه، المرأة تحمل و الرجل لا يحمل، والحمل فيه  أتعاب،  لماذا للنسوان وحدهن؟ ضروري من المساواة، سَنة عندك، وسَنة أخرى عِندها .. أو كيف؟ هل ممكن؟ هذا تَكوين وإيجاد وفِطرة وخَلق من فوق، ما لأحد قُدرة على أن يُغَيره، هي مسكينة إذا لم تَحملْ رأت ذلك نَقص في حقها وتتَطلب الحمل؛ فكرامتها أنها تَحمل، لكن عيب يكون هذا على الرجل، هذا معلوم، فلا إشكالية في كل ذلك ولكن جَاءتهم هذه. 
  • وبعد ذلك ذهبوا إلى جانب مما جُعل في المَواريث وفي الشَهادات في الشَريعة وحاولوا يَبنون عليه مَباني ومُغالطات، والمسألة كلها لا عَلاقة لها بالأفضلية والخَير.
  • ولما تلقَّى أيضا بَعضهم زُخرف القَول الغرور هذا، وجاء يَقول لابد من المساواة بين الرجل والمرأة وجاءوا يتناقشون في المَجلس فَجاء بَعض عُلماء المَجلس فَمرُّوا عليه، قال له كَيف حالُكِ؟  أنتي طَيِّبة؟ غَضِب، قال: آه، انظروا للذي يقول يريد المُساواة، عندما كلمناه بِخِطاب المَرأة غَضِب، الآن رَد على نَفسه، قال له:  خلاص انتهى النقاش، إمَّا إقبلْ مني وأقول لك: "أنتي، وعَمِلتي"، كما أُكلم المرأة لأن الرجل والمرأة سواء، وإلا نَحتاج نُغيير اللُغات الآن كُلها من أصلها، سيكون هناك خِطاب للرجل وخِطاب للمرأة، وهذا فيه تَمييز وهذه عُنصُرية وهذا عَدم مُساواة.

    يا أخي المُساواة ليست في هذه المسألة، المُساواة: 

  • (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام:160]، يكون ذكر أو أنثى؛ هذه المساواة.  
  • (وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا) [الأنعام:160]؛ هذه المساواة، 
  • مَن آمَنَ لهُ الجَنَّةِ، مَن كَفر له النار. .
  • مَن أطاع الله رفع درجاته وادخله جنته، من عصى الله عذبه وأدخله النار؛ هذه المُساواة؛ 

هم في هذا سواء صحيح، لكن المساواة بعد ذلك في ماذا؟  في ماذا المساواة تتأتى؟ ما يتأتَّى المُساواة لا في أصل التَكوين والخَلق ولا في المُهمة التي خَلق الله الناس من أجلها.

كما جعل الليل والنهار في عامة الكَوكب الأرضي في خِلال أربع وعشرين ساعة، لهذا مُهمة ولهذا مُهمة، ويَحسُن أداء كل مُهمة في وَقتها وأدائها ،(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا*وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا) [النبأ:10-11]، كما قال الله جلّ جلاله وتعالى في عُلاه. ولا مَعنى للمُضاربة بَيّنَهما- بَين الليل والنَهار- ولا يُمكِن الخَلط أيضاً بينهما، مثلاً؛ أحسن نمزج ليل ونهار معًا!! كيف ذلك؟! .. هذا لَهُ مُهمة  ولَهُ وقت ولَهُ حِكمة وذاك كذلك لَهُ مُهِمة ولَهُ حِكمة ولَهُ وَقت.

يقول تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ)، جِنس الجَانّ، والجِانّ أبوهم هذا الأول الذي هو إبليس نَفسه وقيل واحد قَبلُه، الذي هو مِنهم؛ لأن إبليس كان من الجن كما قال الله تبارك وتعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [الكهف:50] مِنَ الجِنِّ. ولا شَك أنه إذا كان الجَانّ عَمَروا الأرض قَبل بني آدم. والجَان هو الشَيء المُختَفي المُستَتِر، ومنها نَقول للجَنين جَنين من المُستَجِن في بَطن الأُم لا يَظهَر فهو (جَنين) والجَانّ  كذلك. هذا الجان المُستَتِر الذي لا يُرى، خُلقَ قبل آدم وكانت له الذُرية، خُلِقوا من  ذَكر وأنثى وجاءت منهم الذُرية وعاثوا في الأرض فَسادا؛  سَفَكوا الدِماء وفَسَدوا في الأرض فَأهلَكهم الله تعالى، إلا إبليس لما أنه كان يَتَظاهر بالطاعة والعِبادة وفي قَلبِه مَرض لم يَظهر بَعد، لا للمَلائِكة ولا لِمَن سِواهم، وَرُفِع إلى السَماء بِمَرَضه الذي في قَلبه والذي سَيُظهِره الله لحكمةٍ من الله تعالى، فَبقي في السَماء حتى عَاد أبانَا آدم، ولَم يَسجُد لآدم كما ذكر لنا في الآيات العديدة ومنها هذه الآيات، فطرده الله تعالى من السَماء وأنزلَهُ إلى الأرضِ وخَلق لَهُ بَعد ذلك زَوجة كما خَلَق لآدم حَواء وتَزَوج فَصار الجِن المَوجودون من نَسل إبليس.

والجِنُ مِنهُم المُؤمنون ومنهم الشَياطين كالإنس قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ) [الأنعام:112]، نَحنُ فينا شياطين وفينا طَيبين أخيار، وفي الجِن كذلك. الجِن فيهم صُلحاء وفيهم أولياء وفيهم عُلماء وفيهم فُضلاء وفيهم عُدول وفيهم فُساق وفيهم كُفار أشرار شَياطين، قال تعالى: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) [الكهف:50]؛ ذرية إبليس، فَصار إبليس للجِن المَوجودين كآدم بالنسبة للإنس.

  • قال: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ (27))، من نار السَّمُوم؛ أي الحارَّة التي تتخلل المَسام بِشدة حَرارتها.  
  • (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ (27))، الريح الحارّة شديدةُ الحَر، وهذه الريحُ الحارّة التي خُلِق منها الجان، جزء من سَبعين جُزءً من نار سَموم الآخرة، كما أنَ نارنا في الدُنيا جُزءاً مِن سَبعين جُزءاً من نار الآخرة -اللهم أجرنا من النار-.
  • (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ (27))، خَلق الإنس وخَلق الجن لكن مَيّزالإنس، مَيَّزكُم يا بَني آدم بِمَيزات لا تَعَرفوا قَدرها، إلٰه كُل شَيء خَصَّصكم ومَيَّزكم.

(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29))؛ تعظيماً وإكباراً، مَخلوق خَلَقتُه، ففَرضتُ عَليكم إجلاله وإكباره إذا أكملتُ خلْقه ونفختُ فيه من روحي وهو من صلصال من حمإٍ مسنون -جسده- وأنفخ فيه من روحي:

  • (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29))، فإذا سَويتهُ وأكملتُ خَلقهُ وعَدلتهُ ونَفختُ فيه من روحي، ونَسب الروح إليه إضافة تَشريف وتَكريم؛ أي أمر شَريف عَزيز وهو الروح التي أعطانا الله إياها وخَصصنا بها، رَوَّح الله أرواحنا بِنَسيم قُرْبه وجَعَلنا من أهل مَعرفته وحُبه.
  • (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29))؛ فَصدرَ الأمرُ من حضرة الله للملائكة ودَخل فيهم إبليس؛ لأنه مَشغولٌ بِشُغلهم ومأمورٌ بأمرهم في السماء. 

فَخلَق الله آدم، سوَّاه وأكمله ونفخ فيه من روحه فلما نفخ فيه من روحه بِحُكم الأمر الإلهي (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30)). (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ)؛ تَأكيد لِعُموم المَلائكة إن الله أمَرهم أن اسجدوا لآدم، الخصوصية التي جعلها الله في هذا الإنسان وهي الخِلافة التي أشار إليها بِقَوله: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة:30]، قال: (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ)؛ ما رضي أن يَسجد، أَبَى، ما الذي حصل من إبليس؟ قال: أبى، تَجرأ على أمر الله الجبار وأبى وعاند أن يكون مع الساجدين، ومع ذلك خاطبه  جَبار السَماوات والأرض: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ..(32)) بأي عُذرٍ لك وبأي سبب تأخرتَ فلم تكن مع الساجدين؟  (قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (32)) وهل كان الله لا يَعلم مما خلقهُ؟ وهو الذي قال لك قَبل أن يَخلقه: (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (32) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (33)). 

وما كان لمخلوقٍ أن يعاند أمر الخالق فضلا عن أن يَحتج ويَضرب الأمثال من عِنده، وهذا الذي عَمله إبليس، لَكن سيدنا أدم عليه السلام لما وَقع في أكل الشَجرة قال: (أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف:22-23]؛ فصارَالخيرُ لهم وتابَ الله عليهم (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ) [طه:122]، أما هذا: (لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ )، (أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ) [الأعراف:12] أعوذ بالله.

(قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا ..(34))؛ أي من السماء فلا حظَّ لك فيها، (فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا) [الأعراف:13]؛ فليس لأهل الكِبر مكان في السماء وكان الكِبر مُستكنّاً في صَدّره لم يَعلمْه المَلائكة، ويَعلَمُه الله -جل جلاله-، فلما ظهر؛ قال الله هذا المكان ما يكون لك أن تتكبر فيه، وهكذا لا تفتح أبواب السماء إلا لروح مُتواضعة مُنيبة خاشعة، وأهل الكِبر ما تَقبلهُم السماوات، (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَالَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) [الأعراف:40]، اللهم أجرنا من النار وارزقنا التواضع.

(قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34)) مرجومٌ مطرودٌ، (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) الطرد من الرحمة والعياذ بالله تعالى (إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ) إلى يوم القيامة، مستمر إلى يوم الجَزاء والحِساب، الدين : المُداينة والمُحاسبة يوم الحِساب والجَزاء. (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ (35))؛ وأيقن أنه هلك وفسق ولكن جعل الله له تعالى غيظاً أراد أن يَشفِيُه وإرادات هابطة. قال: (ربِّ) معترف أنه ربه وهو يخالف أمره. (رَبِّ فَأَنظِرْنِي)؛ أخرني -أخِّر أجلي وعمري- (إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36)) وهو يعرف الوقت المعلوم أنه سيأتيه، يعرف البعث وأن الناس سيحشرون بعد الموت والجن كذلك.

(قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36)) ولماذا إلى يوم يبعثون؟ لكي لا يذوق الموت؟ يبقى حيًا إلى يوم القيامة؟ قال له الله: الموت ستذوقه. (قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (37))؛

ليس إلى يوم الدين، (إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38))، يوم النفخ في الصور ستموت في موضعك كما يموت الخلق كلهم، 

ليس إلى يوم الدين، (إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38))، الوقت الذي ٱمر فيه بِنَفخ الصور فأقبض روحك كما أقبض أرواح الخَلق (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) [ٱل عمران:185]، ولم يقل أمهلنا  إلى يوم القيامة ما يموت أبدا، لااا !!، قال أول موت وبعدين برجعك مثل ما رجع الٱخرين (إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38)) وهو يومُ النفخِ في الصور، النَفخة الأولى في الصور(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ) [الزمر:68].

(قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِيً ..(39)) أعوذ بالله، باغوائك لي: (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ..(39))؛ أُظهر لَهم أو أُعَلق قُلوبَهم بِزينة المُتع الفانيات والأمور الزائِلات حتى يَرغبوا فيها وتَشتد رَغبتهُم فيها ويُعرضوا عَنك ولا يُقبِلوا عَليك، (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ)، لأُزَيِنَن لهم القَبائح والذُنوب والمَعاصي والآثام والتَفاخر والتَكاثر بالمَظاهروالصُوَروما إلى ذلك، قال سأستخدم هذا الأُسلوب. 

(لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39))؛ سأغوي بني آدم هؤلاء كلهم الذي من أجله طَردتنا وحَلَّت اللَّعنة علي، الآن سأغوي أولادهم كلهم (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40))، في قراءة (المُخْلِصين)؛ أهل الإخلاص معك، والذين أردتهم لك أنا لن أقدر عليهم ولا من الأرض مِثلي ما يِقدَرون عَليهم. قال:  (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) وفي قراءة (المُخْلِصين). قال: (قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41))، يقول الحق تبارك وتعالى: إن قَبول الغِواية ممن سَبقت عَليهم الشَقاوة ورَفضُها ورَدُها والثبات على الاستقامة ممن سبقت لهم السعادة (صِرَاطٌ عَلَيَّ) أي طريقٌ إِلَيَّ، وعَلَيَّ إقامَته بِقَضاءٍ قَد سَبق من أمري فأنا قضيتُ بذلك: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ (42)).

(هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ..(42))، بالأصل جَميع العِباد (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42))، فيكون سُلطانك عَليهم بإصغائهم إليك ورضاهم بما تُزين لهم وتوسوس لهم إذا ارتضوا ذلك فأنت تكون مُسَلطن عَليهم في هذه الناحية بهذه الصورة فقط، أما حقيقة السُلطان ليست لك، السُلطان الحَقيقي كالمُلك الحَقيقي لواحد اسمه الله؛ هو المَلك وهو السُلطان وهو الذي بيده الأمر كله، والمُلك والسَلطنة وتَأثُر هذا بِهذا، كُلُه مَقرونٌ بإرادة من المَلِك -جل جلاله- نتيجة لِما أعطى الخلق من اختيار ولِما أعطى الخلق واختبرهم به من إرادة فإن سَيَّروها فيما أحب عَصَمَهُم وتولاهم وإن سَيَّروها فيما أَبغض وفي مُخالفته قَطَع عَنهم بِرِّه وإحسانه وأوقَعَهُم في عَذابه والعياذ بالله تعالى.  

قَالَ: (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43))، أنت ومن يَغوى معك ويُكَذِّب بِرُسلي ويَتبع كَلامك الكاذب وأمانيك الباطلة والغرور الذي تَغُرهم بها، (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)) -اللهم أجرنا من النار- (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ..(44)) وسبع دَرَكات، سَبعةَ أبواب وسَبع دركات: دَرَكة جهنم، ودَركة لظى، ودَركة الحُطمة، ودَركة السَعير، ودَركة جَهنم والعياذ بالله تعالى . أولها دركة جَهَنَّمَ ثم دَركة السَّعِير ثم دَركة الحُطَمة وٱخرها دركة الهَاوِيَة، لا يُدْرك لها قاع -والعِياذ بالله تعالى-، هذه الدَركات، ولها أبواب وأبواب خصصها الله للعُصاة والفُساق الذين أصروا، من كل من بَلَغَته دعوة الله ورسله فأبى وأصرَّ واستكبر؛ هَؤلاء يدخلون النار. 

(لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ ..(44))، نَصيبٌ وعدد مَقسوم،  هؤلاء يدخلون من هذا الباب وهؤلاء من هذا الباب، أعاذنا  الله من جهنم وأبوابها وسعيرها وزقُّومها وشَرها وحُطمتها ولظاها وجميع عذابها إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.  

  • ويروي ابن عمر عن النبي ﷺ يقول: " لِجَهَنَّمَ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ؛ بَابٌ مِنْهَا لِمَنْ سلَّ السَّيْفَ عَلَى أُمَّتِي"؛ من يتسببون في الحروب وسفْك الدماء وقَتْل النُفوس، هذا باب خاص لهم-أعوذ بالله من غضب الله جلَّ جلاله- رواه الإمام البخاري في التاريخ كما رواه الترمذي وابن مردويه، " إن  لِجَهَنَّمَ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ؛ بَابٌ مِنْهَا لِمَنْ سلَّ السَّيْفَ عَلَى أُمَّتِي" وقتل الناس بغير حق ورضي بانتشار الفوضى وسفك الدماء ولم يبالِ بإزهاق النفوس -لا إله إلا الله-.
  • وكذلك جاء عن ابن عباس عن النبي ﷺ يقول: " للنار بابٌ لايَدخُله إلا من شَفى غيظه بسخط الله"، من كان يشفي غيظه بسخط الله، لا يبالي بأمر الله تعالى و يشفي غيظه بسخط الله.

(لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ (44))، ومن الحِكَم أن لها سبعة أبواب؛ أن معاصي الإنسان ترجع إلى الأعضاء السبعة : العينُ والأذنُ واللسانُ والفرجُ والبطنُ واليدُ والرجل؛ سبعة أبواب ولا يدخل من السبعة الأبواب في النار إلا من عصى الله بهذه السبعة الأعضاء، أما الطبقة الأقرب من العليا التي هي أدناها؛ دركة جهنم المخصصة بعصاة الموحدين، من مات في قلبه شيء من الإيمان ولكنه عاصي بذنوب لم يغفرها الله، لم تصْدُق توبته منها ولم يعفُ الله عنه، فيعذَّب بقدر ذنوبه ثم يخرج قال ﷺ: "يَخرُج من النار من كان في قلْبِه مِثقالُ ذرَّةٍ مِن إيمانٍ"؛ 

  • وفي هذا رد على من ضلَّ من المسلمين فقال: إن المؤمن إذا مات لا يدخل النار أبدا، نقول كيف يخرج منها إذا لم يدخل؟! إذًا .. لابد أولاً أن يدخل .
  • وَرَدّ على من ضلّ وقال إن من ارتكب كبيرة وإن كان مؤمن ما يخرج أبدا، نقول والنبي يقول: "يَخرُج من النار من كان في قلْبِه مِثقالُ ذرَّةٍ مِن إيمانٍ" 
    • فلا العاصي مخلَّد في النار ما دام في قلبه ولو مثقال ذرة من إيمان. 
    • ولا المؤمن سالم من الدخول في النارعلى طول الخط ولو كان مذنبا بأي ذنب،  لا ،  ولكن من الذنوب ما يغفره، ومن الذنوب ما لا يغفره، من الذنوب ما يعذب عليه، ومنها ما يتجاوز عنه، ويخرج من النار من في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان اللهم أجرنا من النار.

(لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ (44) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45))، ألحقنا بهم يارب وادخلنا جَناتك مع الصالحين من غير سابقة عذاب ولا عتاب ولا فتنة ولا حساب برحمتك يا كريم ياوهاب.

هذا كلام من خَلق وقوله الحق وله المُلك يوم يُنفخ في الصُور عالم الغيب والشهادة وهو الحَكيم والخَبير، فاملأوا قُلوبكم بِصدق كلام ربكم واستشعروا اليقين به تُسعدوا وتَرقوا وتَلقوه سبحانه وهو راضٍ عنكم .اللهم أكرمنا بكمال اليقين وكمال الإيمان والإستقامة واتحفنا بالكرامة يا أرحم الراحمين.

 

اللهم صلِّ وبارك عليه وعلى آله

تاريخ النشر الهجري

27 ذو الحِجّة 1443

تاريخ النشر الميلادي

26 يوليو 2022

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام