فوائد من: تفسير سورة طه (9) دروس من قصة السامري ومخاطر اتباع الهوى

العلامة الحبيب عمر بن حفيظ:
___
(فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ (88))، أضلّهم السَّامري فكان مصدرًا للإضلال وللإيقاع في المخالفة، وهكذا يتصدَّر الفتن في كل أمة قومٌ وأفراد، يقع الناس بسببهم في انحراف وفي ضلال!
(وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96))؛
النفوس سبب وقوع الخلائق في أنواع الآفات والمصائب؛
- من أول معصية وجريمة وقعت في الناس في بني آدم، قال الله عن قابيل: (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)؛ فالنفوس هي سبب الإيقاع في المصائب.
(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) يا ويل من اتّبع نفسه وهواه، يا ويل من لم يزكِّ نفسه بنور ربه الذي بعث به أنبياءه وجاءنا خاتمهم المصطفى ﷺ.

(فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسى فَنَسِيَ (88))، قال ﷺ: "وَعِجْلُ أُمَّتِي الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ"؛ فوجب تَحَرُّر قلوب المؤمنين من أقذار وأكدار الالتفاتات إلى أنواع القواطع عن الله تعالى والمُغريات؛
- فإن إبليس وجنده لا يجدون قوةً لهم مثل الإغراء بهذا الدينار والدرهم، ثم ما يكون في باطن الناس من الشهوات إذا لم تُهَذَّب نفوسهم؛ فهي الأسلحة القوية لعدوهم ليهلكهم بها والعياذ بالله.

مَن تخلّص مِن محبة هذا المتاع الفاني فقد قُطِع رأس الذنوب عنه؛ فإن "حُب الدنيا رأس كل خطيئة" كما أخبر ﷺ.
- ومِلكُها للذين يأخذونها من حِلها وحقها ويصرفونها في مَحَلِّها ومُستَحَقِّها وهو شأن الذين مَلَكوها ولم تَملِكهُم، ولكن من كان لأجلها ترك سُنة، فضلًا عن ترك واجب؛ فقد ملَكَتهُ ولم يَملكها؛ فسخرها الله لنا لِنَملِكَها فنصرفها ولا تَغُرُّنا.

إنما نأخذ كفايتنا من الدنيا بما يَسَّر الله من أسباب، ثم إنه يُوَسِّع لمن شاء ويَقدِر لمن شاء جل جلاله؛ فيختبر هذا بالسعة والكثرة، ويختبر هذا بالفقر وضيق المعيشة.
وقد يمر على الواحدِ أحوال في خلال أيام عُمره؛ وليعلم الله من يؤثره ومن ينصره بالغيب، ومن يُقَدِّم محبته على كل شيء.
يقول تعالى: (كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ)؛ نبيِّن لك عجائب حكمتنا فيما دار ومرّ على الأمم السابقة؛ لتكون أمتك على بينة فيما يُنازلهم، وليأخذوا العِبرة والادّكار والانتباه واليقظة فيما يطرأ لهم من أحوال.

(وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا (99)) وهذا هو الفارق بين أمتك إلى أن تقوم الساعة، مَن قام بِحَق هذا الذِكر، وعظّمه واتبعه وعمل بمقتضاه؛ فله الفوز والنجاح والسعادة في الدارين.

اللهم اجعلنا من المُقبلين على القرآن والمقبلين بالقرآن عليك بحسن امتثال أوامره واجتناب نواهيه وزواجره، وأوقفنا على معانيه الواسعة وأسراره العظيمة، واجعلنا ممن امتزج القرآن بلحمه ودمه، وحتى نكون عندك من أهل القرآن الذين جعلتهم أهلك وخاصتك.
___
من جديد دروس #تفسير القرآن الكريم:
تفسير سورة طه -9- من قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى} الآية 83 إلى الآية 99
ضمن دروس التفسير للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ في جلسة الإثنين الأسبوعية، 25 شعبان 1446هـ
للاستماع والحفظ، أو قراءة الدرس مكتوباً
للمشاهدة:
https://www.youtube.com/live/eXuWVYj0xxc?t=615
24 شوّال 1446