فوائد من: تفسير سورة طه (11) أهوال القيامة وبشائر المؤمنين

فوائد من: تفسير سورة طه (11) أهوال القيامة وبشائر المؤمنين:
العلامة الحبيب عمر بن حفيظ
___
(يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ) لا يملك أحدهم أن يذهب يَمنةً ولا يَسْرةً إلا حيث وُجِّهَ لموقفهِ في القيامة، أين يكون، ومع من يكون، وعلى أي حال يكون!
(وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا)؛ وهذا في بعض أوقات القيامة وعند بداية الحشر، الناس كلهم في هَيبة ورجفة للقلوب من هول المُطَّلَع.
- الهمس: صوت الأقدام على ظهر الأرض في مَشْيِها إلى المحشر، فلا تسمع إلا حفيف الأقدام على ظهر الأرض تسير.

(يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ)؛ من أذِن له أن يشفَع؛ فيشفَع فيمن أذِن الحق تعالى أن يشفَع فيه، فالإذنُ للشافِع أن يشفع، والإذن للمَشفوع أن تكونَ الشفاعة فيه وتُقبَل الشفاعة فيه، وهي مقبولة في كل مؤمن أذِنَ الله أن يشفَع له؛ نبي أو ولي أو شهيد..
في الخبر: أنَّ الشهيدَ يُشَفَّعُ في سَبعينَ من أهلِ بَيتِه، كلهم قد وجبت له النار، فيسلمون من دخول النار بشفاعة هذا الشهيد، من قبيلته وأهل بيته؛ الشهيد الذي ما كان له قصدٌ إلا أن تكون كلمة الله هي العليا.
لا مجال لمن يُخالِف أمر الله ورسوله ثم يتَّخِذ آلهة من دون الله ويقول يشفعوا لنا، من الذي أذِن لهم؟
- - إنَّما يقبلُ شفاعة أنبيائه
- - وشفاعة العلماء بشرعه إذا عمِلوا به
- - وشفاعة أرباب الوجاهة لديه تعالى من الشهداء ونحوِهم.
قال ﷺ: "يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء".
(وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا)، وقد رضي الله لنا قول الكلمة الطيبة "لا إله إلا الله"، اللهم كما أنعمت علينا بها فحقِّقنا بحقائقها، وزِدنا من أنوارها، وأحيِنا عليها وتوفَّنا عليها، واحشُرنا في زُمرةِ كُمَّلِ أهلها يا الله.

(يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)؛
- مهما علِمَ مَلَك أو إنسي أو جني أشياء مما بين يديه أو مما خلفه فعلمه محدود وقاصر، لا يحيط بكل ما بين يديه ولا بكل ما خلفه، وإنَّما يُحيط بذلك الله جلّ جلاله.
- المعنى الثاني: (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ) بالرب، لا يحيطون بما بين أيديهم وما خلفهم علمًا؛ فكيف يحيطون بالرب علمًا؟ لا بأسمائه ولا بصفاته ولا بذاته العلِيَّة.
كلما ازدادت معرفتهم بالله؛ ازدادت معرفتهم بعجزهم عن الإحاطة بالله جلّ جلاله، حتى قال سيدنا أبوبكر الصديق: "لا يعرف الله إلا الله".
(وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ)؛
- - (الْقَيُّومِ) بتدبير عباده، وتسيير شؤونه، ومُكَوّناته ومصنوعاته ومخلوقاته، تقديمًا وتأخيرًا، وإحياءً وإماتةً، وهدايةً وإضلالًا، وصِحةً وإمراضًا وتقريبًا وتبعيدًا.
- - (الْقَيُّومِ)؛ ما مِن ذرة من ذرات الكائنات إلا والجبّار الأعلى قَيّوم عليها، يَرقُبها ولا يزيد فيها شيء ولا ينقص إلا بأمره وإرادته.

(وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا)؛ حَمَلةُ الظلم الأكبر وهو الشرك أصحابُه مُخلَّدون في النار
- - ما عدا ذلك من ظُلم العباد بعضهم البعض فلا يتركه الله حتى يقتص ويعطي كل ذي حق حقه
- - بل حتى بين الإنسان والحيوان
- - بل حتى بين الحيوانات بعضها البعض؛ إذا تصرَّفت بغير ما خُلِقَت له؛ "حَتَّى يُقَاد للشاةِ الجَمَّاء من الشاة القَرْنَاء".

(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ)؛
زادُنا من هذه الحياة: إيمان وعمل صالح، هذا خير ما نكسب في هذا العمر، خير ما نكسب على ظهر هذه الأرض، ولا شيء غير ذلك يُعتَدُّ به ولا يُنتفَع به من بعد الموت إلى الأبد إلا الإيمان والعمل الصالح.
اللهم اجعلنا وأهلينا وأحبابنا ممن يعملون الصالحات على كمال الإيمان، وزِدنا إيماناً وتوفيقاً للعمل الصالح.

___
تفسير سورة طه -11- من قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ.. (108)} إلى الآية 114
ضمن دروس التفسير للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ في جلسة الإثنين الأسبوعية، 23 شوال 1446هـ
للاستماع والحفظ، أو قراءة الدرس مكتوباً
للمشاهدة:
https://www.youtube.com/live/mflV4wX9iCc?t=1947
#الحبيب_عمر_بن_حفيظ #عاجل #تفسير #القرآن #سورة_طه #معاني_ودلالات #قصص #تريم #فوائد #حقيقة #فكر #حكمة #habibumar #habibumarbinhafidz #tarim
06 ذو القِعدة 1446