سراية الهداية الربانية من الوحي للأنبياء وما يبلغون وما يسري منهم في المتصلين بهم وخطر العبودية لغير الحق والتبعية لغير أنبيائه وأصفيائه

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن حامد الجيلاني والعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك في دار المصطفى، ليلة الجمعة 16 جمادى الثانية 1445هـ، بعنوان: 

سراية الهداية الربانية من الوحي للأنبياء وما يبلغون وما يسري منهم في المتصلين بهم وخطر العبودية لغير الحق والتبعية لغير أنبيائه وأصفيائه 

نص الكلمة مكتوبة:

الحمدلله على ظهور أنوارِه السّاطعة، مِن مركزها الذي أنَاره -جلّ جلاله- وأنَارَ به كل مُنوَّر؛ ذاكم عبده المُطهّر، وحبيبُه الأطهر، وصفيُّه الأزهر، ونقيّ مُنْتَقَاهُ ﷺ الأزهر، اللهم أدِم صلواتك على السراج المنير، والبشير النذير، سبحانك -جلّ جلالك- رَحِمتَ العباد فهديتهم، وجعلتَ أسباب الهداية رُسُلا أرسلتهم، وأنبياء نبأتهم وبعثتهم، وكتبًا أنزلتها عليهم، وسِرَايَاتٌ من ذلك تَسْرِي في من بلغته دعوتك على أيدي الأنبياء، أو على أيدي أتباعهم، وما أنزلتَ عليهم، وما تسلسل من ذلك، وما تفرَّع من ذلك، وما توالد من ذلك، وما نَتَج من ذلك؛ حتى سَرَت السِّراية أولُها في الذَّوات الطاهرات ذات القلوب المُنيرات الصافيات، فأولئك قوم يدلُّ على الله ؛ النظر إلى ثيابهم فضلًا عن وجوههم، النظر إلى ديارهم فضلًا عن ذواتهم -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى-

من لم ير وجه مفلح فكيف يفلح

وقد قال ناطِق الحكمة في الأمة: "من لم يرَ وجه مُفلِحٍ فكيف يُفلِح؟" من أين تَسْرِي له سِرَايَة الفلاح؟ إلّا مَن نظراتٍ اتِّصَلَت بالنظر إلى وجه سيِّد أهل الفلاح، خير نور ومصباح، صلوات ربي وسلامه عليه. وسَرَت السّريات بعد ذلك في أقوالهم، وفي مؤلفاتهم، وفي آثارهم، ويُذكَر في الحديث القدسي: (إني إذا أطاعني عبدي رضيت عنه، وإذا رضيت عنه باركتُ فيه وفي أثره، وليس لبركتي من نهاية) ، (وليس لبركتي من نهاية) فترى الآثار بعد الآثار! ثم بعد ذلكم لها أخبار، في البرازخ، وأخبار في القيامة، وأخبار في دار الكرامة، بلا نهاية {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء}.

نظر أولو الألباب للحياة الدنيا

وما شأن هذه الدنيا وما يشتغل الناس به؟ حتى يقعوا في الجرائم! وحتى يقعوا في الانحراف! وحتى يقعوا في إيذاء بعضهم لبعض؛ إلا زورٌ وغرورٌ وسوء تعجَّلوا به شقاء الدنيا قبل الآخرة! وتعجّلوا لأنفسهم السّوء في الدنيا قبل الآخرة بإعراضهم عن دعوة الله، بإعراضهم عن نداء الرحمن -تعالى في علاه- بإعراضهم عن نداء حبيبه ومصطفاه محمد ﷺ!

وأولو الألباب هذا نظرهم وهذا شأنهم، وهذه معالم فكرهم وسلوكهم في كتاب ربكم: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ} حاشاك أن تُعلي هذه السماوات وهذه الآيات البديعات وتجعل هذه الآيات بين السماء والأرض، وتخلق هذه الأرض بهذه الكيفية وهذه الهيئة وتخلق فيها العُقلاء المكلفين؛ لعب! أو هزو! أو باطل! مَن أراد يتبع هواه يتبعه، مَن أراد يتبع شهواته يتبعها، مَن أراد أن يُستعبد لمخلوق مثله اُستُعبِد له؟ .. لا!! {مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً} خلقته لحكمة، خلقته لحُكْم، خلقته لعلم، خلقته لعَظَمة، أنزله -سبحانه وتعالى- بعِلمه {لَّكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} -جلّ جلاله- {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} لا تُعرِّضنا لأن تغلبنا نفوسنا أو شهواتنا أو أهواءنا!

من الذي يبيع دينه بالدنيا؟

يشتروننا بمتاع من الدنيا يسير، حتى يمر على الناس أحوال على ظهر الأرض (يصبح الرجل مؤمنًا فيها ويمسي كافرا، يُمسي مؤمنا ويُصبح كافرا..) ما القصة؟ قال زين الوجود: (..يبيع دينه بعرض من الدنيا يسير)! حقير زائل ذاهب! يبيع دينه! ما معنى يبيع دينه؟ يبيع نعيم الأبد، يبيع سعادة الأبد، يبيع دخول الجنة، يبيع رضوان الواحد الأحد بمتاع من الدنيا يسير قليل حقير -والعياذ بالله تبارك وتعالى-!

فيُرثى لهؤلاء! خصوصًا وهم في دائرة الإسلام والإيمان! يُشترى دينه بالحقارة، يُشترى دينه بالشيء اليسير! عسى ما بيجمعوا لك ملايين الدولارات من الأرض؟! والله لن تغني عنك شيء في إعراضك عن أمر الله لحظة! فكيف بتجرّؤك أن تقتل هذا أو تؤذي هذا! أو تترك الفرائض! أو تفعل المُحرمات -والعياذ بالله تبارك وتعالى-!

هذا هو السقوط بعينه! ولو ملكّوك الدنيا كم سيملكوك؟ سيعطوك كرسي في مكان؟ أمام عينك كلما قعد واحد عليه انزاح، ذا بقطع رقبته وذا بقطع يده وذا بقطع رجله وذا بقطع ذِكْره وذا بما يكون، ويذهبون واحد بعد الثاني! أترغب في هذا؟ تحب هذا؟ من أجله تترك الدين؟ ومن أجله تترك صِلة بربّ العالمين -جل جلاله وتعالى في علاه-؟! {وَلَكِن يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء} اللهم اهدِنا بهُداك، اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم اهدنا فيمن هديت.

كن مع الله كأن لا خلق، وكن مع الخلق كأن لا نفس

تتعلَّم القلوب في هذه المجاري التي جَرَت من دعوة حبيب علَّام الغيوب، المُنقّى عن العيوب، الهادي إلى خير الدروب، زين الوجود محمد ﷺ ؛ تعلّم القلوب عشق ربها، والسِّر الذي أشار إليه سيّدنا عبدالقادر الجيلاني: "كُن مع الله كأن لا خلق، وكُن مع الخلق كأن لا نفس"، ووصلْت! كان في بعض كلامه يقول: تريده؟ وتريد وصله؟ خطوتين ووصلت: اترك الدنيا واترك الآخرة، كُن مع ربّ الدنيا والآخرة؛ إنك وصلت إليه -جل جلاله وتعالى في علاه-هذه الحقائق والأذواق الراقية للأرواح، للقلوب، للأسرار المطهرة المُصَفَّاة، التي هي حقيقة الإنسانية، وكرامة الإنسانية؛ هذه هي التي يحصل عليها الملبّون لنداء الله -جل جلاله- قال الله في هؤلاء أولي الألباب، يقولون: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً} 

ظنون الذين كفروا

ويقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} ظنهم أنّا خلقناه باطل، خطط له مُخَطّط ويظلم مَن شاء، ويلعب على من شاء، ويستهزئ بمن شاء، ويضحك على عقل من شاء، ويُغالط من شاء، ويفرض رأيه على من شاء، ويظن أنه بتوصّله لهذه الأغراض نجح! وأنه ما وراءه حساب! وأنه بيسعد في دنيا وآخرة! {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} 

ميزان الفوز والخسارة

والمنهج أين يا رب؟ ومعرفة الطريق كيف؟ قال: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب}. اجعلنا ممن يتدبر آي الكتاب، واجعلنا عندك من أولي الألباب.. من هم أولو الألباب؟ يقولون: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} يوقنون أن الخِزي والبلاء والعار على الإنسان والشؤم والشر والدناءة والسقوط والبلاء : أن يدخل النار! هذا هو الشر الذي يجب يحذر منه! مَن سَلِم من دخول النار : {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} ميزان للفوز والخسران ، تغير عند كثير! حتى مَن يدّعون الإيمان ورأوا الفوز بشيء آخر! ورأوا أن الهون والذلّة بشيء آخر!

لا والله .. الخزي كله والهون كله والبلاء كله في دخول النار! من استحق دخول النار بــ: تضييعه لأمر الجبار القهار، بإعراضه عن أمر الفاطر الواحد الذي يُكوّر النهار في الليل والليل في النهار -جل جلاله وتعالى في علاه- ، بمضادته للنبي المختار ﷺ؛ هذا الذي يدخل النار هو المخزي {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} -والعياذ بالله تبارك وتعالى-

وما للظالمين من أنصار

 {ربَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} وأكثرهم ترونهم في الدنيا لما يجي وقت انتقام الحق منهم ما عاد حد يقدر ينصرهم، وأنصارهم إن سلموا من الآفة التي نزلت عليهم هربوا بأنفسهم، وإن وقعوا فيها قدهم مرة…، وراحوا معها -والعياذ بالله تعالى- {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} يصلّحون لأنفسهم نُصْرات لبعضهم البعض على الباطل وبعدين ترونهم أمام أعينكم يتفكّكون ويتْفَرْكَشُون ويتأذّون أو يضربون بعضهم البعض! ما ترون؟ هذا واقعهم في هذه الحياة!

{وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} الناصر واحد اسمه "الله" {كتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} يقول: {إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ..} إذا ما نصرك هذا ما لك ناصر، وإن جئت بجيوش ملأت الأرض ما لك ناصر، لا ناصر إلا هو {إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ..}؟ قل لي من؟ من؟ {فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ} من هو هذا؟ سيحفظ عينك؟ أو سيحفظ قلبك؟ أو سيحفظ رئتك؟ أو سيحفظ جهازك التنفسي؟ وإلا سيحفظك من زلزلة أرض تتزلزل تحتها؟ أو سيحفظك من حادث الطائرة؟ أو سيحفظك من حادث سيارة؟ من هو هذا ؟! هو حزب أو هيئة أو جماعة أو ماذا؟ كوماندوز؟ يحفظونك حتى لا يوجعك ضرسك؟ سينفعونك من المغص في بطنك؟ وأنت تتلوّى أمامهم دع جماعتك يقومون معك.

إنه واحد هو الذي ينصر وهو الذي يخذل {إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون} آمنّا بك وتوكلنا عليك فاحفظنا وانصُرنا في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، يا رب العباد، يا كريم يا جواد يا الله.

حلت بنا تأديبات قهرية

وقد حلّ بنا تأديبات قهرية؛ من: غفلة الغافل مِنَّا، وسرقة السارق، وقطيعة قاطع الرحِم، وعقوق العاق للوالدين، ومن أرباب الجرائم، ومن الذين تجاوزوا الحد وأخذوا يتظاهرون! يتظاهرون بالفحشاء إمّا مسكرات وإما مخدرات وإما زنا وإمّا لواط وأمثال ذلك! وتظاهروا بها على الأرض! ونالنا ما نالنا من هذا التأديب! 

فيَا قريب يا مجيب: ارفع البلاء عن قريب، ارفع البلاء عن قريب، وارزقنا الإنابة في مَن يُنيب، يا أقرب قريب، يا خير مُجيب، يا من للدعاء يستجيب: بجاه سيدنا الحبيب نصرًا من نصرك، عِزًّا من عزك لأهل "لا إله إلا الله" تَقمع به أعداء الله، حيثما كانوا وأينما كانوا، يا قوي يا متين اكفِ شر الظالمين.

أساس المنهج القويم

وكما سمعتم في كلام حبيبنا عمر منهج قوي سليم عظيم، يقول لا فيه إكراه لأحد على شيء، ولا فيه اعتداء لأحد لا في عرض ولا في مال ولا في نفس، قاعدته وأساسه: {فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} يعني: إن عندك قوة ذهنية أو عقلية أو فكرية أو عسكرية أو مالية لا تعادي بها أحد، ولا تضرب بها أحد، ولا تكب بها إلا الظالم فقط، لا توجهها إلا للظالم المعتدي لرد ظلمه؛ وهذه إلا رحمة به، مهما كان. ولو قتلته في ظلمه وعدوانه؛ لأنه أبى أن يخرج عن هذا الظلم إلا بالقتل، خفَّفت عنه ما لو بقي لَظَلَم أكثر وكان عذاب أكبر؛ فهي كلها رحمة لعباد الله -جلّ جلاله وتعالى في علاه- {فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}

عاد بغوا منهج أحسن من هذا أو كيف؟ أو عندهم قانون أحسن من هذا أو كيف؟ أو عندهم شريعة أحسن من هذه؟ هذا منهج الله -جل جلاله وتعالى في علاه-!

وكما سمعتم: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} ويقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ} حتى ما قال بين المسلمين.. بين الناس، حكم بين أيّ أحد قدرتم تحكمون عليه من الناس، يقع صغير، كبير، مسلم، كافر {أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ}، {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} من أجل أن ينتشر القسط في العالم، لو أخذوا منهج رسول الله ﷺ، في رعاية حقوق الخلق ومصالحهم لأصبح العالم كله أمن وطمانينة وسكينة، لكنها أهواء! لكنها شهوات! لكنهه غرور! لكنه عدوان، ولكنه ظلم! ولكنه كفر -والعياذ بالله تبارك وتعالى- بعدوان وبظلم!

مع أن الكافر يعيش في ظل هذا الدين آمن على نفسه وماله وعرضه إذا لم يعتدي ولم يظلم ولم يصدّ عن سبيل الله، ولكن أرادوا إلا الصد، أرادوا إلا الضد، أرادوا إلا الإفساد -والعياذ بالله تبارك وتعالى- فالحال كما قال الله: {ألاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}

فما أعظم شريعة الله، وما أعظم منهج الله! رزقنا الله العمل بها، والهداية التي يبثها بواسطة المرسلين، وخاتمهم وسيدهم محمد ﷺ فيمن تلقى عنهم من صحابة وآل، وأرباب الصدق في الإقبال، وأرباب كمال -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى- ونشرهم الله في البلدان، ووفر حظ بلدتكم هذه من كبارهم ومن عظمائهم -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى- 

الدعاء للأمة

فعسى الله يُحيي حقائق الإيمان في مشرق الأرض ومغربها، ويُصلح لنا سوداننا، ويصلح لنا غزّتنا، ويصلح لنا الضفة الغربية، ويصلح لنا ليبيا، ويصلح لنا العراق، ويصلح لنا الشام، ويصلح لنا اليمن، ويصلح لنا الشرق والغرب، يا مُصلح الصالحين أصلحنا بما أصلحتَ به الصالحين، ورُدّ كيد الطاغين والباغين والمعتدين من قريب ومن بعيد، عليك توكلنا وإليك أنبنا، فكن لنا بما أنت أهله، ظاهرًا وباطنًا، في الدنيا والآخرة، يارب الدنيا والآخرة.. يا الله .. يا الله .. يا الله  خلّص قلوب الذين استُتبعوا للشهوات والآفات واستُعبِدوا من خلق كأمثالهم ورُدّهم إلى حظيرة "لا إله إلا الله" 

يا الله: ارحم من يقول "لا إله إلا الله"، وثبِّتهم على حقيقة "لا إله إلا الله"، واجعل أهل الجمع ومن يسمع ويشاهد ممن تحققه بحقيقة "لا إله إلا الله" ، ويحيا مُتحققًا بحقائقها مُزْدَادًا في كل يوم وفي كل ليلة من حقائقها والارتقاء فيها ومعانيها ودقائقها يا الله، حتى تتوفاه عليها مُوقِنًا بها ناطقا بها عند موته، مختومًا بها كلامه من هذه الحياة الدنيا ،اجعل آخر كلام كل واحد منا ومنهم من هذه الحياة الدنيا : "لا إله إلا الله" متحققين بحقائقها يا رب، أحينا عليها يا حي، أمِتنا عليها يا مميت، ابعثنا عليها يا باعث.

سارعوا إلى النصرة

وسارعوا بما أتاكم ربكم من الخير: مقاصد الخير، وإرادة إقامة أمر الله -تبارك وتعالى- وحسن التربية للأهل وللأولاد، وتوَقّي ما حرم الله -جل جلاله- ؛ به تُنصرون، وبه تنصرون إخوانكم في غزَّة وفي الضفة الغربية، وبه تُنصرون إخوانكم المظلومين في السودان وغيرها من البلدان.

يا رب فرج كروب المسلمين، يا رب ادفع البلاء عن المؤمنين، يا رب رُدّ عنَّا كيد أهل الأهواء، وأهل الفساد وأهل الإفساد، وأهل الضلال وأهل الإضلال، وأهل الشر جميعًا، يا قوي يا كريم، يا عزيز يا برّ، احفظنا من كل سوء ومن كل شر، يا مُحَوِّل الأحوال حوّل أحوالنا والأمة إلى أحسن حال.

اللهم احينا على سنة النبي ﷺ

يا الله: خلّصنا من تبعية الجُهَّال وأهل الضلال، وزِدنا من فضلك والنوال ما أنت أهله، يا واسع الإفضال، يا ذا العطايا الجزال، يا من لم يزل جوده في توال.

يا الله: أحيي فينا أخلاق سيدنا النبي ﷺ، أحيي فينا سيرة سيدنا النبي ﷺ، أحيي فينا سُنّة النبي ﷺ، اجمعنا بسيدنا النبي ﷺ، أمتنا على محبتك ومحبة النبي ﷺ، احشرنا في زمرة سيدنا النبي ﷺ، احشرنا في زمرة سيدنا النبي ﷺ، احشرنا في زمرة سيدنا النبي ﷺ، وأنت راضٍ عنَّا يا الله .. وأهلينا كلهم، وأولادنا كلهم، وقراباتنا كلهم، وجيراننا كلهم، وطلابنا كلهم، وأحبابنا كلهم، في زمرة حبيبك يا الله، نُحشَر معه ونَسْعَد برؤياه، ونُكرم بمرافقته ولقياه، ونخلد معه في الفردوس الأعلى، ونلقاه خير لقاء في ساحة النظر إلى وجهك الكريم، ونلقاه خير لقاء في ساحة النظر إلى وجهك الكريم، ونلقاه خير لقاء في ساحة النظر إلى وجهك الكريم.. يا كريم يا الله.ب

بالصدق قولوا: يا الله

بالصدق قولوا: يا الله، بالتعظيم قولوا : يا الله ، بالأدب قولوا: يا الله، بالخضوع قولوا: يا الله ، بالتذلل قولوا: يا الله ، بالخشوع قولوا : يا الله..

تدرون مَن تنادون؟ مَن تطلبون؟ الله الله! وهو أَذِن لكم بذلك ؛ ولولا إذنه ما قدرتم على شيء من ذلك، فاحمدوه واشكروه، وتوجهوا إليه ، قولوا : يارب أجب دعاءنا، ولبِّ نداءنا، وزدنا من فضلك ما أنت أهله، وأرنا في أمة نبيك ما تقر به عين نبيك ﷺ، ظاهرًا وباطنًا، في عربهم وعجمهم، ورجالهم ونسائهم، ودينهم ودنياهم، وظاهرهم وباطنهم، وعقولهم وأفكارهم، وسلوكهم وأخلاقهم وأرزاقهم، أرِنا ما تقر به عين نبيك ﷺ، أرِنا فيهم ما تقر به عين نبيك ﷺ، أرِنا فيهم ما تقر به عين نبيك ﷺ، في عافية يا الله ..

يا الله: خلَصهم وحرّرهم من التبعية لسواك، وأعزّهم بالعبودية لك، والخضوع جلالك يا الله، وامتثال أمرك، واجتناب نهيك يا الله، برحمتك يا أرحم الراحمين، والحمد لله رب العالمين.

 

تاريخ النشر الهجري

16 جمادى الآخر 1445

تاريخ النشر الميلادي

28 ديسمبر 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية