الأعمال التي نستقبل بها رمضان

ما هي الأعمال الباطنة والظاهرة التي يحسنُ بها استقبال شهر رمضان ؟

من الأعمال التي نستقبل بها شهرَ رمضان: توبتُنا إلى الله تبارك وتعالى، وظاهرُها بالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، وبهجرِنا المواطنَ التي تجرُّنا إليها.

وباطنها: بعزمِنا الصادق ألا نعودَ إليها، وأن يكون دافعُنا لذلك تعظيمَ إلهِنا جل جلاله، وإرادةَ وجهِه الكريم، وطلبَ رضوانِه سبحانه وتعالى، ولِنَسُرَّ بها قلبَ الذي أُرسِلَ إلينا، وامتلأ رحمةً علينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلم.

ثم يأتي ما يتعلق بصلةِ الأرحام، فالظاهر: تفقُّدُهم بالمواساة ولو بالسلام، ((بلُّوا أرحامَكم ولو بالسلام))، والسؤال عنهم، وإدخال السرور عليهم.

 وباطنه: بما تحملُه القلوبُ مِن إرادةِ خيرٍ لهم، ومِن دعوتِهم إلى الخير، ومِن الدعاء لهم في ظهرِ الغيب.

 وهكذا يتعلق بشأن البِرِّ ما تُقابِلُ به الأبَ أو الأمَّ مِن بشاشةٍ أو حُسنِ أو خدمة، هذا ظاهرُ البِر، وما ينطوي عليه قلبُك مِن تعظيمِهم مِن أجل الله، وشهود مِنَّةٍ لهم أنَّ الله جعلهم باباً مِن أبوابِ رحمتِه، ومِن أبوابِ مِنَّتِه، وسبباً لنيلِه المراتبَ عند الله ما لا يكون بغيرهم، فيعدُّهم نعمةً مِن نِعَمِ الله عليه، هذا برٌّ باطن، وينوي أن ينفِّذَ عهودَهم، ويواصلَ البرَّ بهم بعد مماتِهم كما يبرُّهم في حياتِهم، فهذه مِن بواطنِ البر.

كذلك شئون الفرح القلبي بأنَّ الله سبحانه وتعالى أمدَّ لك بالعمر حتى يبلغَ رمضان، وكثيرٌ ممَّن كانَ يؤمِّل أن يصل إلى هذه الليلة فلم يصل إليها، وكثيرٌ ممن كان يظن أنه يدرك رمضان وأن يمنَّ الله عليه بأن يدركَ رمضان.. ولا يدركه.

 ويتذكَّر ما تعجَّبَ منه بعضُ الصحابة مِن أنَّ أخاً له قُتل في سبيل الله وبقيَ أخوه بعده سنةً ونصف ثم توفي، فرآه بعضُ الصحابة ودرجة هذا الذي توفي فوقَ الشهيد، فتعجب!، فلما ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم أقرَّهم مِن خلال الرؤيا التي رأوها على أنَّ هذا أرفع ، ثم قال: (( ألم يشهد معنا كذا كذا جمعة)) وحسب صلى الله عليه وسلم عددَ الجمع في السنة ، ((ألم يشهدْ رمضانَ معي))، قال: هذه الأعمال رفعت له المرتبةَ والدرجات.

 فأنْ تبلغَ رمضانَ وينضاف إلى عمرِك رمضان جديد وتبلغه وأنت مؤمن وأنت مسلم، يجب أن تستشعرَ الفرحَ والسرورَ بهذا ، ويكون هذا مِن الاستقبالِ الباطنيِّ لرمضان، وتمضي وراءَ الصوم بظاهرِه وباطنِه، ووراءَ القيام بظاهره وباطنه، وتتلمَّح معاني هذا الباطن لتعمرَ بها قلبَك، ولا يزالُ الحق يوسعُ لك المجال، ويرفع لك المراتبَ مهما صدقتَ معه وأقبلتَ عليه، وله الحمد والمِنَّة.