شرح الموطأ - 513 - كتاب الشَّعر: باب ما جاء في صَبْغِ الشَّعْر

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الشَّعر، باب ما جاء في صَبْغِ الشَّعْر.

فجر الأحد 21 رجب 1444هـ.

باب مَا جَاءَ فِي صَبْغِ الشَّعْرِ

2756 - حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالَ: وَكَانَ جَلِيساً لَهُمْ، وَكَانَ أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ. قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ حَمَّرَهُمَا. قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: هَذَا أَحْسَنُ. فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَرْسَلَتْ إِلَيَّ الْبَارِحَةَ جَارِيَتَهَا نُخَيْلَةَ، فَأَقْسَمَتْ عَلَىَّ لأَصْبُغَنَّ، وَأَخْبَرَتْنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ يَصْبُغُ.

2757 - قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ فِي صَبْغِ الشَّعَرِ بِالسَّوَادِ: لَمْ أَسْمَعْ فِي ذَلِكَ شَيْئاً مَعْلُوماً، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الصِّبْغِ أَحَبُّ إِلَىَّ.

2758 – قَالَ: وَتَرْكُ الصَّبْغِ كُلِّهِ وَاسِعٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَيْسَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ ضِيقٌ.

2759 – قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَصْبُغْ، وَلَوْ صَبَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لأَرْسَلَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكرمنا بالشريعة الغراء، وبيانها على لسان خير الورى، سيدنا مُحمدٍ صاحب المعراج والإسراء، صلَّى الله وسلَّم وبارك وكرّم عليه، وعلى آله من حازوا به طُهرا، وعلى أصحابه من اعتلوا به فخرا،  وعلى من سار في منهاجه وبمجراه جرى  سرًّا وجهرًا، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سادات الخلائق الراقين في القُرب من الرحمن والمعرفة به أعلى الذُرى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المقرّبين وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين. 

وبعدُ، 

يتحدث الإمام مالك -عليه رضوان الله- في هذا الباب عمّا جَاءَ فِي صَبْغِ الشَّعْرِ، وعمّا جاء في تغيير لونه وخضابه، وفي ذلك بيان سعة الشريعة المطهرة، واشتمالها على كل حركة الإنسان في حياته وتنظيمها لدقائق ما يزاوله ويعانيه ويقوم به في هذه الحياة.

فذكر لنا: "أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ" كان جليسًا لأبي سلمة بن عبد الرحمن "وَكَانَ أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ"؛ أي: من أجل الشيب، وكان لا يخضِب، "قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ حَمَّرَهُمَا" على غير عادته، أي: حمّر لحيته ورأسه، قال أبو سلمة: "فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ"؛ يعني: الجلساء معه: "هَذَا أَحْسَنُ" أي: من خالص البياض الذي كان قبل، قال ابن الأسود: "إِنَّ أُمِّي" وأم المؤمنين "عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَرْسَلَتْ إِلَيَّ الْبَارِحَةَ جَارِيَتَهَا نُخَيْلَةَ، فَأَقْسَمَتْ عَلَىَّ لأَصْبُغَنَّ"؛ يعني: أنّ السيدة عائشة بواسطة الجارية ألحّت عليه في أن يستعمل الصبغة، وأن يُغيّر شيبه إلى حُمرةٍ أو صفرة.

قال: "وَأَخْبَرَتْنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ -رضي الله عنه- كَانَ يَصْبُغُ" وهكذا، صحّ عنه أنه كان يخضب بالحناء والكتم، وأن سيدنا عُمَر كان يخضب بالحناء، وهذا الكتم نبِت باليمن، صبغ الحناء: أحمر خالص.

يقول: قال مَالِكْ فِي "صَبْغِ الشَّعَرِ بِالسَّوَادِ: لَمْ أَسْمَعْ فِي ذَلِكَ شَيْئاً مَعْلُوماً"؛ أي: ثابتًا، "وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الصِّبْغِ" غير السواد مثل الحُمرة أو الصفرة "أَحَبُّ إِلَىَّ" فقد جاءت فيه نصوص، كما جاء النصّ أيضًا في الخضاب بالأسود بالنهيِّ عنه في حديث أبي قُحافة في عام الفتح، وأنه لما رآه ﷺ قد اشتدّ بياض شعره قال: غيروا شيبَ هذا بصفرة أو حمرة واجتنبوا السواد، "غَيِّرُوا هذا بشيءٍ، واجْتَنِبُوا السَّوادَ"، وجنّبوه السوّاد. وبذلك جاء الاختلاف بين الأئمة في الخضاب بالسواد.

وكذلك ما جاء عنه ﷺ في بعض الروايات: أنه خضبَ، وأكثر الروايات أنه لم يبلغ له من البياض في شعره أن يخضِب، فما كان غير سبعة عشر شعرة بين رأسه وعارضه في صدغيه، وعنفقته، ولحيته، لا تزيد على سبعة عشر شعرةً بيضاء، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.

وحمل بعضهم روايات الاختضاب على أنّ ما كان يستعمله من الدّهن والطِيب حمّر بعض الشعر، وحمله بعضهم على أنّ ما وضعوه في شعره بعد موته ﷺ الشعر الذي بقي عندهم من الطيب هو الذي حمّر الشعر، وأنّ سبب ذلك ما كان يستعمله من الطيب والمسك، وليس قصد الخضاب بحنّاء ولا بغيرها.

فعُلِمَ بذلك ما جاء في النصّ من الأمر بأحاديث صحيحة بتغيير الشيب إلى صفرةٍ أو حمرة.

وجاء الاختلاف في السوادِ، ويُستثنى من ذلك: 

  • ما كان من امرأةٍ مزوَّجة يأمرها زوجها بتسويد شعرها فيجوز لها ذلك. 
  • كما استثنى أيضًا الشَّافعية الجواز للجهاد، وذلك إذا التقى مع صفوف المقاتلين المُعادين من الكفّار فقد يستخفّون ويجرؤون عليهم  إذا رأوا الشعر الأبيض باعتبار أنهم كبار السن وضعاف، فيخضبون شعرهم ليُرعبوهم ويوهموهم أنهم من الشباب فيكون من أسباب النصر في الجهاد.

ومن هنا جاء بعد ذلك على العموم في المسألة: هل ترك الاختضاب أفضل استبقاءً للشيب؟ أو الاختضاب أفضل؟ 

  • والجمهور والأكثر من أهل العلم على أن الاختضاب أفضل.
  • وقال بعضهم: بل تركه من دون أن يستعمل عليه تغيير اللون إلى لونٍ آخر أفضل.

وجاءنا عنه ﷺ: "غيِّروا الشَّيْبَ ولا تَشَبَّهوا باليهودِ" في رواية الترمذي وقال حسنٌ صحيح.

وجاء أيضًا بمعناه في الصحيحين، في رواية زادَ: "والنصارى"، وجاء في رواية الإمام أحمد وابن حبّان: "إنَّ اليَهُودَ والنَّصارى لا يَصْبُغُونَ، فَخالِفُوهُمْ.". 

كذلك جاء في الصحيحين مثل هذا، وكان ﷺ يحب مخالفة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، وعلى ذلك فقد اختضب جماعةٌ من الصحابة ومن التابعين ومن بعدهم، وكان أكثرهم يختضبوا بالصفرة، وبعضهم بالزعفران، وبعضهم بالحناء والكتم. إذًا؛ ثبتت الأحاديث بهذا التغيير ومعلومٌ الانضباط فيه بمثل الصفرة والحُمرة.

وهذا أيضًا يكون في وقاره وسكونه ورسوخه بعيدًا ومناقضًا لما يعمله بعض الناس، خصوصًا في أزمنتنا، يلوّنون شعرهم بالألوان المختلفة بلا بصيرة ولا سُنّة ولا تبعية، مجرّد اقتداء بغير أهل الهدى،  بل بأهل الردى، ويلعبون على شعورهم لعبًا، حتى منها ما هو عند الذوق السليم مُنفّر وموحش، ولكنهم يستعملونه لأنه موضع علامة التقدم! بلا معنىً من منطق ولا من ذوق ولا من عقل إلا مجرد اللعب على العقول بالتبعية لمن لا خلاق لهم.

 وهكذا.. وأوصلوهم بالتلاعب عليهم حتى إلى عيونهم، يأتون لهم بعدسات ليس لأجل الشمس ولا لأجل تحسين النظر، ولكن لتوافق لون الثوب، شيء أخضر، وشيء أحمر، وشيء أصفر، حتى أن بعضهم لا تدري هذه عين هِرّة؟ أم عين آدمي؟ أم عين… واستعملها قومٌ من نسائهم في بلدان الكفّار فما وصلوا إلى الثلاثين سنة وأربعين سنة إلا وتغيّرت عيونهم وتعبوا في المعالجة، حتى لم يجد بعضهم سبيل إلى العلاج من استعمال هذه الأشياء.

فانظر الغباوة والغفالة عند هؤلاء الذين لم يستحكم فيهم عظمة السُّنَّة ولا اتباعها، ومن ضيّع اتباع الأعظم ابتليَ باتّباع الأخس والأسقط، فلا بد من رفع شعار تعظيم السُّنَّة في حياة المسلمين، في عاداتهم فضلًا عن عباداتهم ليقتدوا وليهتدوا.

وهكذا.. 

  • يقول الشَّافعية: أنه يُحرم الخضاب بالسواد على الأصح عند الشَّافعية، لما جاء في صحيح مسلم و غيره: "اجتنبوا السواد"، وعلمنا ما ذكرنا من استثناء الجهاد أو المرأة المزوّجة.
  • وهكذا يقول الأئمة أيضًا الثلاثة: أنه لغير الجهاد وهيبة العدو فيُكره استعمال السواد.

وجاءت بعض الأقوال بجوازه والجمهور على كراهته، والشَّافعية على تحريمه، بخلاف ما إذا كان للغزوِ ليكون أهيَب في عين العدو. والذين حرّموا أخذوا بقوله ﷺ: "اجتنبوا السواد" وقد جاء بأسانيد صحيحة. وهكذا علمنا الاختلاف والنظر بحسب ما جاء من النصوص فيما يتعلّق بالخِضاب وصبغ الشعر. 

وجاء و وَرد عن عثمان بن عبدالله بن موهب القرشي قال: دخَلنا على أمِّ سلمَةَ فأخرجت إلينا من شعرِ رسولِ اللَّهِ ﷺ فإذا هوَ مخضوب. فأُجيب عن مثل هذا كما تقدّمت الإشارة بأن يكون احمرّ بعده ﷺ لكثرة ما يضعون في ذلك الشعر من الطيب، أو ممّا كان يستعمله من الطيب في حياته صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم. 

وجاء عن ابنَ عمرَ كانَ يصبغُ لحيتَه بالصُّفرةِ حتى تملأَ ثيابَه فقيلَ له في ذلك فقالَ إني رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يصبغُ بها ولم يكنْ شيءٌ أحبَّ إليه منها. 

وجاء مقابل ذلك عن سيدنا أنس -رضي الله عنه- أنه قال: "لم يبلغ منه الشيب إلا قليلًا ولو شئت أن أعدّ شمطاتٍ كنَّ في رأسه لفعلت" هكذا جاء في الصحيحين. ويقول أبو جحيفة: رأيت رسول الله ﷺ وهذه منه بضع شعراتٍ في عنفقته، يُشير إليها، ﷺ، والمجموع كلّه لا يجاوز السبعة عشرة شعرة، ما بين الرأس والصدغين والعنفقة واللحية -صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-.

وهكذا، جاء عن أبي مَالِكْ الأشجعي عن أبيه يقول: "كان خِضابُنا مع رسولِ اللهِ ﷺ الوَرْسَ، والزَّعْفرانَ". ويقول الحكم بن عمرو الغفاري: "دخَلتُ أنا وَأخي رافِعُ بنُ عَمْرٍو على أميرِ المُؤمِنينَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، وأنا مَخضوبٌ بِالحِنّاءِ، وأخي مَخضوبٌ بِالصُّفرةِ، فقالَ لي عُمَرُ بنُ الخَطّابِ: هذا خِضابُ الإسلامِ، وقالَ لِأخي رافِعٍ: هذا خِضابُ الإيمانِ". كما رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره.

إذًا؛ 

  • الخلاف في الخضاب بالسواد جاء بالنظر في النصوص، وعلمنا بكراهته لغير الجهاد عند الأئمة الثلاثة، وحرمته عند الإمام الشَّافعي رضي الله تعالى عنه.
  • وعلمنا صحة الحديث ما قال عام الفتح لأبي ُقحافة والد سيدنا بكر وكان رأسه يشتعل شيبًا، قال: "اذهبوا بِهِ إلى بعضِ نسائِهِ، فلتغيِّرهُ، وجنِّبوهُ السَّوادَ".

وبذلك قام الاجتهاد بين الأئمة: فالجمهور على أنّه مكروهٌ بالسواد لغير المزوّجة ولغير الجهاد في سبيل الله -تبارك وتعالى- وقال الشَّافعية بتحريم ذلك.

كما يُكره الاختضاب بالبياض، بالعكس عنده شعر أسود يقوم يبيّضه! وهذا أيضًا ممّا يُخالف الأصل قالوا، ولأجل يترفّع على الشباب ويُري أنه عجوز كبير ويتوصّل إلى التوقير والاحترام من أخوانه، وأمثال ذلك من الأغراض الفاسدة التي لا معنى لها، فهو داخلٌ في الكراهة، ودخل في جملة الموضات حقهم يبّيِضون أحيانًا الشعر! والحاصل ابتلوا بالمكروهات والمحرّمات لمّا تركوا الحرص على الواجبات والمندوبات. والله ينوّر القلوب والعقول، ويسلك بنا مسلك الاستنان بسنّة سيدنا الرسول صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم. 

قال: "وَتَرْكُ الصَّبْغِ كُلِّهِ وَاسِعٌ" يقول الإمام مَالِكْ "إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَيْسَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ ضِيقٌ" وهو كان ممن يترك الصبغ، وبقي شعره أبيض، وأخذ برواية أنه لم يختضب ﷺ. ولكن الاختضاب ثبت بالأمر بقوله، وثبَتَ بعد ذلك عن عددٍ من الصَّحابة رضي الله تعالى عنهم.

ولمّا قال له بعض الأمراء بالمدينة: لِمَ لا تخضب يا أبا عبد الله؟ يقصدون الإمام مَالِك، قال له: ما بقي من قيامك بالعدل إلا أن يخضب مالك! قمت بالعدل في الرعية وأدّيت ما عاد باقي إلا هذا معك -عليه رضوان الله تبارك وتعالى-. "قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ: "فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَصْبُغْ، وَلَوْ صَبَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لأَرْسَلَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ"؛ فإنها استدلّت بفعل أبيها أبي بكر، ولو كان ثبَت عن رسول الله لقدّمته، ولقالت له رسول الله اختضب، ولكنها كانت تعلم من حيث أن رسول الله ﷺ ما احتاج إلى الخضاب لأنه لم يبيّض شعره -عليه الصلاة والسلام- فلهذا استدلّت له بفعل أبيها أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.

وهكذا جاء في رواية عن أبي هريرة يقول: "لما مات النَّبي ﷺ خضب مَن كان عنده شيءٌ من شعره ليكون أبقى له"، مع أنه -عليه الصلاة والسلام- من خصائصه أن شعره أيضًا لا يبلى كجَسده، بخلاف عامة الشعور إذا مرّ عليها الزمن تبلى، ولكن شعره كما هو يبقى ﷺ، وفي هذا دليل أنه كان منتشر بينهم توفّر شعره الذي يحتفظون به ويَختزنونه عندهم كما هو معلوم من حجة الوداع، وتقسيمه الشعر بنظره الشريف، وأمره الحلاق أن يقسّم النصف، وأعطى الحلاق الآخر النصف الآخر، وأقبل الناس عليه، وكان الرجل تصيبه الشعرة، و الرجل تصيبه الشعرتان، وهذا في آخر حلاقته ﷺ، وما قبل ذلك كان أيضًا لخواصّ أصحابه اعتناءٌ بأخذ شيءٍ من آثاره تعظيمًا ومحبًّة وتبركّا ﷺ.

وجاء عند ابن سعد عن أم المؤمنين عائشة قالت: "ما شانَه اللهُ ببَيْضاءَ"، يعني: ببياضٍ كثيرٍ في شعره -عليه الصلاة والسلام- فما أحتاج إلى استعمال الخضاب والصبغ.

رزقنا الله حسن متابعته، وملأ قلوبنا بمحبته، وحشرنا في زمرته، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين بسرّ الفاتحة إلى حضرة النَّبي ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

21 رَجب 1444

تاريخ النشر الميلادي

12 فبراير 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام