أعظم ما يُحصَّل ويُكسَب في الحياة وعظيم نعمة لا إله إلا الله

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك في دار المصطفى، ليلة الجمعة 9 جمادى الثانية 1445هـ، بعنوان: 

أعظم ما يُحصَّل ويُكسَب في الحياة وعظيم نعمة لا إله إلا الله

 

نص المحاضرة مكتوبة:

الحمد لله ربِّنا وربّ كل شيء ومليكه، بيده الأمر كله وإليه مرجع كل شيء، جلَّ عن شريك، وجلَّ عن مثيل، وجلَّ عن نظير، إنه الله الذي لا إله إلا هو، له الحمد شكرا وله المَنُّ فضلا، أرسل إلينا خاتم المرسلين أعلى الخلائق طُهرا، وأرفعهم قدرا، وأجلّهم منزلة لدى ربِّه دنيا وأخرى. 

اللهم أدِم صلواتك على السراج المنير والبشير النذير عبدك المجتبى المختار سيدنا محمد، وعلى آله وأهل بيته الذين خُصُّوا بالتطهير، وعلى أصحابه الذين صدَقوا في نصرته بكل ما أوتوا ظاهراً وباطناً فكانوا نِعم النصير، وعلى مَن والاهم فيك واتبعهم بإحسان إلى يوم المصير، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سُرُجُ الدّلالة على الهدى والرَّشَادِ والتنوير، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وملائكتك المقربين، وجميع عبادك الصالحين، وعلينا وعلى كل فردٍ في مجمعنا ومن يسمعنا أو يشاهدنا أو يوالي مجلسنا معهم وفيهم برحمتك يا ذا الفضل الكبير، ويا ذا المنِّ الغزير، ويا مَن يُعطي ولا يبالي، يا مولى الموالي، يا حي يا قيوم، يا كريم يا غافر، يا رفيع يا والي، يا أكرم الأكرمين، يا أرحم الراحمين، يا جواد يا فرد يا متعالي.

لا إله إلا أنت، آمنّا بك؛ فثبِّت الإيمان في هذه القلوب تثبيتا، واجعل لكل قلبٍ مِنَّا في تثبيت هذا الإيمان فيه قُربًا منك في كل نفس يزداد، وعطاءً منك لا يناله حَصرٌ ولا تعداد، وتزوُّدٌ من هذه الحياة الدنيا بأشرف زاد، تَصلُح به أحوالنا وننال به فوق آمالنا من خيرِك الواسع، في البرزخ ويوم المعاد، وفي دار الكرامة مع خيار العباد، يا كريم يا جواد.

  • ميدان القرب من الله:

والذين آمنوا فبَاشَرَ الإيمان سويداء قلوبهم؛ ذاقوا حلاوة صلة بربِّ الأرض والسماء ؛ فتوجَّهت مطالبهم ورغائبهم وأشواقهم وعِشقهم إلى ما هو أجلُّ وأجمَلُ وأعلى، وأعظم وأكرم وأغلى، وأقْوَمُ وأحسَنُ وأَزْيَنُ وأحلى؛ فهم.. هم خيار الملأ، وهم هم أهل الدرجات العُلا. أمثالكم في الخَلْق ونظيركم في التكوين والتصوير، وفيما يُنازل البشريَّة مِن حاجاتٍ ومطاعمَ ومشارِبَ ومآكِلَ ومساكن على ظهر هذه الأرض؛ عاشوا أجسامهم على ظهر الأرض وقلوبهم مع رَبِّ السماء والأرض؛ مُتهيّئة ليوم العرض، فما أعجَبَ ما نالوا ! وما أغرب ما ارتفعوا وطالوا ! وما ألذَّ ما جالوا في ميدان القُربِ وصالوا !

أولئك الأقوام هم مرادي ** ومطلبي من جملة العبادِ  ** وحبهم قد حلَّ في فؤادي ** أهل المعارف والصفاء والآداب 

رضي الله تبارك وتعالى عنهم-

  • من الذي يتعرض للحسرة في الآخرة ومن يتعرض للضيافة من الله؟

أولئك الذين يَتَعَرَّضُ للحسرة في يوم الدين جميع مَن لم يدخل دوائرهم، من ملوك الأرض ومملوكيها، وأمرائها ومأموريها، وأغنيائها وفقرائها، وصغارها وكبارها، ورجالها ونسائها، وإنسها وجِنِّها، وعربها وعجمها.. كلهم يَحسَرون؛ إلا مَن دخل في دوائر هؤلاء المُصطَفَين، إلا مَن ذاق ذواقهم، إلا مَن شَرِب شربهم، إلا مَن لَبِس لباسهم، وإلا مَن صَدَق في حبهم ومات على محبتهم ؛ فأولئك في يوم الحسرة لا يتحسّرون، وفي يوم الفزع الأكبر آمنون {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}، {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} ويُنادَوْن: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} لأنكم من أجل خالقكم هذَّبتم أنفسكم وخالفتم شهواتها؛ فاليوم لكم ما تشتهي أنفسكم {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} ما هذا الخبر؟ وبترتيب من؟ {نُزُلا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ} ضيافة من الغفور الرحيم.

أرأيتم هؤلاء..؟ أهُمُ الذين أحسنوا الاستعداد للمستقبل؟ وضمنوا كما يتحدث الناس المستقبل.. أم سواهم؟ أهم الذين كسبوا في الدنيا أعزّ ما فيها وأعلى ما فيها وأشرف ما فيها.. أم سواهم؟

  • (سلام قولا من رب رحيم وامتازوا اليوم أيها المجرمون):

سواهم يتحسَّر وهم لا يتحسرون، سواهم يخافوا وهم آمنون، سواهم يُبعَد وهم مقرَّبون، سواهم يدخل النار وهم إلى الجنة داخلون ... فمن صاحب المستقبل؟ مَن صاحب الشَّرَف؟ مَن الذي غَنِم من الحياة الدنيا خير ما فيها وأعزّ ما فيها وأشرف ما فيها؟! كل مَن سواهم .. يكون ملكا أو مملوكا، أم ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، عربيًا عجميًا، إنسيَّا جِنّيَّا، غَنِيَّا فقيرا، صحيحًا مريضًا، قائدًا مقودًا، جنديًا ضابطًا، صاحب هيئة وصاحب شركة وصاحب طيران… كلهم يتحسرون! وكلهم يُعذّبون! وهؤلاء آمنون، وهؤلاء مُقرَّبون، وهؤلاء في الجنة يَخلُدون، وهؤلاء لسيِّدِ الوجود يُجَاورون، وله يُرَافِقُون، ولهم سلام من السلام في أرفع درجات الإعزاز والتكريم {سَلامٌ قَوْلا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ}.

وغيرهم يُقال: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} أنت الذي كنت جندي، وأنت الذي كنت ضابط، وأنت الذي كنت قائد، وأنت الذي كنت رئيس، وأنت الذي كنت وزير، وأنت الذي كنت قائد حزب، وإنت الذي كنت رئيس المُنظّمة {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ * أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا} {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جُبْلًا كَثِيرًا..} أجيال بعد أجيال {..أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ}!

  • صفات الذين لا يعقلون:

 ألا: ما عَقَلَ مَن أخذته لُعاعَة الدنيا حتى صار يَظلِم، حتى صار ينقطع عن الإله الحق، حتى صار يترك الفرائض حتى صار يفعل المحرّمات، حتى صار يَعدّ العُدَّة والقُوى! للشهرة في الدنيا، أو للسلطة فيها، أو لحيازة شيء من زخارفها ومتاعها : والله لا يعقلون! ما أسفههم! وأسفه عقولهم! وما أتفه رغباتهم ومُراداتهم! ويوم الحسرة منتظرهم، وقبل يوم الحسرة يتحوّلون إلى عِبَر لمن يعتبرون، وذِكرى لمن يتذكّرون. وكم يُكشَفُ لهم من عيب! وكم يُفضَح لهم من عورة! وكم ينالهم اللوم في الدنيا قبل الآخرة! ويوم الحكم يحكم الواحد الحقُّ بين عباده فيما كانوا يختلفون.

  • خطاب لمن أُكرِم بنور "لا إله إلا الله":

فيَا مَن أُكرِم بنور "لا إله إلا الله" : لا يَعقِلُ عقلٌ في الأرض ولا في السماء أجلَّ مِن "لا إله إلا الله"!  ولا يُدركُ مِن معاني ولا من دلالات أعظم من معاني "لا إله إلا الله محمد رسول الله"! عليها نحيا وعليها نموت وعليها نبعث إن شاء الله..

يا حيُّ يا قيّوم: مع وضوح الأمر وضوحًا بيِّنًا كم أضللتَ من قلوب! وكم انحرفت من وجهات على ظهر الأرض! سبحانك! فَيَا مَن أنعمت علينا بالإسلام زدنا منه وثبِّتنا عليه، يا من أنعمت علينا بالإيمان ثبِّتنا عليه وزدنا منه، يا الله لا تسلب نعمتك علينا.. 

يا الله.. يا الله.. يا الله..

افتح لنا أبواب الوعي لمعاني "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ومِن خزائنك الكبيرة على ظهر الأرض قلوبًا كثيرة لم يصل إليها بعد نور هذا الحِصن الحصين والحِرز المتين والكلمة العُظمى؛ اللهم فاقذف في تلك القلوب نور "لا إله إلا الله" 

يا الله.. يا الله

  • (ليظهره على الدين كله) :

وفي نفس مساجد أستراليا دخل في أيامكم هذه داخل إلى بعض المساجد ويريد الإسلام.. وسُئل عن الإسلام، من دعاك للإسلام؟ وما حملك تدخل الإسلام؟ قال: أخبار غزّة. رأيت الناس أمامهم القُوى والمادة للإذلال والظلام وهم في عِزَّة! وراهم شيء! ما الذي صبّرهم على هذا؟ ما الذي ثبّتهم على هذا؟ أنا أُحِب هؤلاء وأُحِب دين هؤلاء!

{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} وشيخهم إبليس داري ولكنه أبو التلبيس! وكم حاول من عهد آدم إلى اليوم {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ}.

  • طلب الاستعداد للقاء الأكبر:

فاجعلنا من أهل النور يا رب، النعمة الكبيرة التي مننتَ بها علينا مِن شهادة أن "لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله" أشرِق ضياءها في القلوب والصدور، وارفعنا في درجاتها مع كل بَرٍّ شكور، وارزقنا بها اغتنام أعلى وأجل ما تؤتي عبادك على ظهر هذه الأرض، واجعل استعدادنا حَسَنًا للقائِك، وأكرِمنا بِشريفِ مرافقة خاتَمِ أنبيائك، ولا تُخرِجنا عن دائرة أحبابك وأصفيائك، وألحِقنا بأتقيائك وأوليائك..

يا الله.. لا تقطع أحدًا من الحاضرين ولا من السامعين ولا مَن والى بشهوة ولا بمعصية، ولا بتغريرٍ في فِكر، ولا بخطوة قَدَمٍ إلى مأثم، ولا إلى سوء، ظاهراً وباطنا، يا الله .. يا الله ؛ حتى تجمع جميع مَن اجتمعوا ومَن استمعوا في دائرةِ حبيبك الأكرم، ورسولك الأعظم، ومُقدَّمِ خلقك الأفخم، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم

يا الله .. يا الله 

خلقتَنا وعقولنا وخلقتَ الأرض لنا والسماء من فوقنا وما بينهما، واستفردتَ بالخلق وحدك لم يُشاركك أحد، لا إله إلا أنت، وقذفت في قلوبنا الإيمان واليقين؛ فارزقنا اللهم خير الحياة وخير الوفاة وخير ما بينهما، وأعِذنا من شر الحياة وشر الوفاة وشر ما بينهما..

يا الله .. يا الله

  • من القدوة لنا ؟

زِدنا إيمانًا بك وبما جاء عنك، وأنت الخالق لكل شيء، اخترتَ قدوة لِكُل مُكَلَّف من الإنس والجن، وجعلتهم مُقرّبين ونبيين ومُرسلين؛ ولكنك جعلتَ لهم رأسَا يرجع الكل إليه سميته "محمدا" جاءنا بالهدى؛ فبِحقِّه عليك لا تجعل في قلوبنا هذه اقتداءً إلا به، ولا اهتداءً إلا بهديه، لا نرتضي مَن خالفه في شأن من الشؤون، لا في قول، ولا في عمل، ولا في لباس، ولا في نية، ولا في مقصد، ولا في بيع ولا في شراء، ولا في أكل ولا في شرب، ولا في سفر ولا في إقامة، ولا في مسكن ولا في مركب، ولا في نظر ولا في سمع، لا نرضى مَن خالفه في شيء من هذه الأشياء ولا في ذرّة يُخالفه فيها، لا نقتدي بأحد مِمّن خالفه، بل : (نحب بحبك الناس ونعادي بعداوتك من خالفك من خلقك).

يا خير مسؤول، وأكرم مأمول، بجاه سيدنا الرسول بلغنا هذا السّؤل، وزدنا من نوالك يا بَرُّ يا وصول.. يا الله

  • عناية السماء بمجالس الخير:

رُبما تصوّر لكثير منكم كثرة متابعين عبر مختلف هذه الأجزاء لمثل ذا المجلس؛ ولكن عناية السماء وأهل السماء به أكبر. ومِن آثار تلك العناية ينشر ربنا ما شاء وأَذِنَ من الهداية؛ فتصل إلى ذا وإلى ذاك وإلى ذا وإلى ذاك بإجراء مُجري الأفلاك، مَلِك الأملاك، مَن بيده ملكوت كل شيء، ذاكم هو الله..

آمنتم به ثم أحضركم في حضرة كرمه وجوده، وإحسانه وإسعاده، وواسع إمداده؛ بما فتح لكم من الأبواب بيد خير عباده، له الحمد، عسى أن يتم النعمة علينا وعليكم.

  • تمام نعمة "لا إله إلا الله" : 

وتمام هذه النعمة: أن نكون جُندًا له، موفين بعهده، في أنفسنا وأهلينا وأولادنا وديارنا ومنازلنا، وأقوالنا وأفعالنا، وحركاتنا وسكناتنا، لا نُقدّم عليه أحدا، ولا نُقدّم في الخلق أحدا غير محمد نبي الهدى، فيما خفي وفي ما بدا ؛ حتى تتشرَّف هذه القلوب بأن يكون الله ورسوله أحبّ إليها مما سواهما،  شرّف كُلَّ قلب مِنَّا، شرِّف كل قلب ممن يسمعنا أو يُشاهدنا، شرِّف كل قلب في ديارنا وبيوتنا..

يا مُقَلِّب القلوب والأبصار: خزائن جودك ملآنة؛ فشرِّف هذه القلوب أن لا يكون شيء أحبَّ إليها من الله ورسوله؛ حتى نحيا ونموت والله ورسوله أحب إلينا مِما سواهما.

  • دعاء وتضرع إلى الله:

إنها عطاياك الكبيرة لا تحرمنا إيّاها يا ذا الهِبَات الوفيرة.. يا الله .. يا الله

واهدِ اللهم قلوب المسلمين والمسلمات، والتي خانت ووالَت أعداءك رُدّها إليك قبل الهَلَكة الكبرى، يا مولانا، ومن سبقت عليه السابقة بالشقاء المؤبّد فرُدّ كيده عن أمّة النبيّ محمد، ورُدّ كيده عن أهل "لا إله إلا الله" .. يا الله : وأئِمّة الكفر في زماننا اخزِهم، وأذِلهم، واخذلهم، واقمعهم، واقطعهم، واردعهم، عنَّا وعن بلداننا وعن ديننا، وعن أحوالنا وحالتنا، بما شئت كيف شئت، فإن الاعتماد عليك، والتوكل عليك، واللجاء إليك، والاستناد إليك، وهذه ذِلّتنا بين يديك، ما لنا ربٌّ سواك، وما لنا إلهٌ غيرك، أنت المسؤول لأمة حبيبك محمد، بحبيبك محمد، ارحم أمة النبي محمد، اجمع شمل أمّة النبي محمد، ألِّف ذات بين أمة النبي محمد، اكشف كروب أمّة النبي محمد..

يا الله .. يا الله

ارحم أمة سيدنا محمد، اغفر لأمة سيدنا محمد، فرِّج الكرب عن أمة سيدنا محمد، اجمع شمل أُمّة سيدنا محمد، ألحِقنا بخيار أمة النبي سيدنا محمد، يا الله : اجعلنا في أنفعهم لهم، في أبركهم عليهم، انفعنا بهم عامة وبخاصتهم خاصة .. يا الله..

سألناك بعظمتك وجلالك وكبريائك، وجمالك وجلالك، وإفضالك ونوالك وإحسانك، وأسمائك وصفاتك وذاتك: أن تنظر إلى هذه القلوب، وتُثبِّتها على الإيمان، وتزيدها منه في كل لحظة؛ حتى نتوفّى على أكمل اليقين؛ نحب لقاءك وأنت تحب لقاءنا آمين يا رب العالمين .. يا الله

إنها دعوة ما اُستجِيبت في واحدٍ إلا رُفعت له راية كرامة يوم القيامة، فتوجّهوا إلى الله يقبلها في كل فرد مِنَّا، المتكلم والسامعين، والمشاهدين والموالين، انظر إلى قلوبهم وثبّتهم، وزدهم إيمانا في كل نَفس؛ حتى لا يُتوفى الواحد منهم إلا على كمال اليقين: يحب لقاءك وأنت تحب لقاءه .. يا الله ، واجعل كل ذلك في لطف وعافية، وجودٍ منك، وإفضالٍ وإحسان ، يا خير المحسنين .. يا الله

مطلبٌ عظيم، وما له إلا العظيم، ولولا ما علّمنا مِن فضله العظيم ما قدَر مذنب لئيم كمثلي يسأل هذا السؤال، ولا يرفع الكفَّ إلى الرحمن بالابتهال، لكنّه ربُّنا الذي ما لنا ربٌّ سواه، وإلهنا الذي لا إله لنا غيرُه، قَبِلَ عاصينا وقَبِلَ غافلنا وقَبِل جاهلنا، كل من تاب منهم أقبَل عليه! فله الحمد، إنه الذي نادانا بلسان هادينا الذي إليه دعانا، وقال له: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ}

نسألك أن لا يَبِيتَ مِنَّا قلبٌ الليلة إلا مُنيبا في خير الإنابة مُسلِما لك أتمّ الإسلام {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم} اللهم ارزقنا حُسنَ اتباع ما أُنزِلَ إلينا منك بواسطة رسولك محمد، يا الله 

{وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ} اجعلنا منهم وفيهم ومعهم {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ..} جل جلاله وتعالى في علاه.

{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} نعبد تكنولوجيا حقكم أو نعبد الكذب الإعلامي الذي تكذبون به على الناس؟ أو نعبد ادّعاؤكم أنكم ما أحد يغلبكم؟ وأنتم المغلوبون المخذولون! وقريبًا يُعَايَنُ ذلك من القريب والبعيد .. سبحان ذو القوة، سبحان ذو القدرة {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ * وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} فارزقنا تعظيمك وإجلالك، وتسبيحك وتقديسك وتنزيهك، والخوف منك، والرجاء فيك، والإقبال الكُلّي عليك.. يا الله

{وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ *  وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا} 

 {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا..} اجعلنا منهم يا الله {..حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثْنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

الحمدلله رب العالمين، احمدوا الله رب العالمين الذي جعلكم في هذه الأمة وفي هذا الإيمان، وفي هذا الخير، وفي هذه المواطِن والمنازل، الحمد لله رب العالمين، الحمد لله رب العالمين، الحمد لله رب العالمين، أتمِم علينا النعمة يا مُنعِم يا كريم.. والحمد لله رب العالمين.

تاريخ النشر الهجري

09 جمادى الآخر 1445

تاريخ النشر الميلادي

21 ديسمبر 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية