مسلك المكلفين في إجابة داعي الحق مجمع الجمال والجلال والكمال وحقائق السعادة في الولاء والاقتداء

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك، ليلة الجمعة 24 ذو الحجة 1446هـ  في دار المصطفى بتريم، بعنوان: 

مسلك المكلفين في إجابة داعي الحق مجمع الجمال والجلال والكمال وحقائق السعادة في الولاء والاقتداء

  • 0:00 تعليم الله لآدم اسم النبي محمد ﷺ
  • 4:06 داعي الله في الأمم ومجيء خير أمّة
  • 5:43 نتائج الاستجابة لداعي الله
  • 9:02 كنا أكرم الأمم بنبينا ﷺ
  • 10:05 مجلى الكمال الخلقي
  • 12:15 ما يترتب على متابعة النبي ﷺ
  • 14:20 ماذا نُقدّم على محبة الله ورسوله!
  • 16:55 قلوب مخلصة في الأمة
  • 19:06 صدق الولاء والمحبة
  • 20:40 دعاء للأمة الإسلامية
  • 24:49 الدعاء بحسن ختام العام واستقبال العام الجديد

 

نص المحاضرة مكتوب:

الحمد لله الذي يُهيئ القلوب التي سبقت لها منه السعادة؛ بإجابة مناديه وتلبية لداعيه.

تعليم الله لآدم اسم النبي محمد ﷺ

وقد أكرم الحق -سبحانه وتعالى- هذا النوع من الخلائق -وهو نوع الإنسان- بوجود النداء والدعوة منه، من أول الخلق والتكوين، وبنفسه -جلَّ جلاله- وذاته العليا تولَّى تعليم آدم الأسماء.

وكان مما جاءنا في الأخبار أنه عندما كوَّن جسده فنفخ فيه من روحه، أول ما فتح عينيه: أراه قوائم العرش مكتوبٌ عليها: "لا إله إلا الله محمد رسول الله". وأول ما وقع نظره على اسم ربه واسم محمد بجانب اسم ربه على قوائم العرش؛ عَلِم علمًا وأدرك إدراكًا -علّمه الله إياه- أنَّ صاحب هذا الاسم أكرم كريم على الله، وأحب حبيب إلى الله، فلم يضع جنب اسمه إلا اسم أحب الخلق إليه.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وعلى نبينا آدم وأمنا حواء وجميع الأنبياء والمرسلين، وآلهم وصحبهم وتابعيهم ومن وَلَدَ أبونا آدم وأمنا حواء من المؤمنين إلى يوم الدين.

(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ..) في بداية تكوين هذا النوع قال إذن فاصطفوا منكم تلامذة ليُعلِّمكم هذا ويؤمّكم (..قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) [البقرة:31-32].

ونزل آدم عليه السلام، وكان بعد الابتلاء بالأكل من الشجرة، جاء في عدد من الروايات ومنها ما صححه جماعة من الحُفَّاظِ في علم الحديث الشريف؛ أنَّ أبانا آدم كان مما تلقى من الكلمات أن قال: يا ربِّ بحقِّ محمد إلا غفرتَ لي. فقال: كيف عرفته ولم أخلقه بعد؟ ما أظهرته لك؟ قال: لمَّا أن خلقتني ونفخت فيَّ من روحك، نظرتُ قوائم العرش فوجدتُ فيها مكتوبًا: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" فقلت لم تضف لاسمك إلا اسم أحب الخلق إليك. قال: "صدقتَ يا آدم، إنه من ولدك وإنه أحبُّ الخلق إليَّ، ولولاه ما خلقتك ولا خلقتُ أرضًا ولا سماءً" ﷺ، "وإذ سألتني بحقِّه فقد غفرت للوالد بالولد"، وغَفَر لآدم -على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام-.

داعي الله في الأمم ومجيء خير أمّة

  • وأهبطه إلى الأرض، وسِرُّ النداء والتعليم والوحي من الله معه (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ) [طه:123].
  • ثم بقي في شيث بن آدم، ومن استمع من أولاد آدم إلى دعوة الله على لسان أبيهم، ثم مَن بعدهم إلى إدريس، ثم مَن بعدهم إلى نوح -عليه السلام-، ثم أُمَم كثيرة كثيرة وقرون كثيرة، وفيهم أنبياء كُثُر إلى إبراهيم -عليه السلام-، وإلى إسماعيل، وإلى إسحاق، وإلى يعقوب، وإلى يوسف..
  • وداعي الله قائم على ظهر الأرض يُلَبِّيه قلب مَن سبَقت له السعادة، -اللهم أسعدنا مع خواص السعداء-.
  • وتوالت الأُمَم، وفضائلهم على قدر مكانة أنبيائهم عند الإله الحق، حتى جعل الله الخَتْمَ محمد بن عبد الله، وجعل أمته خير الأمم كلها -صلوات ربي وسلامه عليه- (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ..) وهذا وصفهم ومسلكهم (..تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ..)

نتائج الاستجابة لداعي الله

(..لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * ۞ لَيْسُوا سَوَاءً..) [آل عمران:110-113].

  • مَن صدَق منهم ومن ثبَت ومَن آمن فأولئك من الصالحين.
  • ومَن بدَّل وحرَّف وغيَّر ورَكِب هواه وساقه هواه في عبودية هواه ونفسه وشهواته وإرادة الدنيا -كحال أكثرهم- فهم أعداء الحق وهم المغضوب عليهم من قِبَلِ رب العرش -سبحانه وتعالى-.

    وتمَّ النداء الإلهي لكل من يعقل من الإنس والجن على لسان محمد الأمين المؤتمن -صلوات ربي وسلامه عليه-.

ولمَّا هدَى الله نفرًا من الجن وصرفهم إلى هذا النور وسمعوه يقرأ القرآن عند مرجعه من الطائف في رحلة جهاده واجتهاده وصبره ومعاناته وتحمُّله للمَشَاقِّ وتَكُلُّفِه للجِدِّ والاجتهاد ﷺ، رجع من الطائف وقد ردُّوا دعوته ورموه بالحجارة، قال تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ..) لا يظن أنه بشيء من الأشياء.. بعلمه أو بقوته أو بأسلحته أو بمكانته أو بتخطيطه أو بغيِّه أو بضلاله أو بمكره أو بحِيَلِهِ؛ يُعجِزُ الجبَّار (..وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) [الأحقاف:29-32]، -والعياذ بالله تبارك وتعالى-.

كنا أكرم الأمم بنبينا ﷺ

وقام داعي الله..

دعَا إلى الله فالمُستمسكون به ** مستمسكون بحبلٍ غير مُنفَصِمِ

بُشرَى لنا معشر الإسلام إِنَّ لَنَا ** مِنَ الْعِنَايَةِ رُكْنًا غَيْرَ مُنْهَدِمِ

لَمَّا دَعَا اللهُ دَاعِينَا لِطَاعَتِهِ -أيّ سَمَّاهُ- ** بِأَكْرَمِ الرُّسْلِ كُنَّا أَكْرَمَ الْأُمَمِ

فحمدًا لربٍ خصَّنا بمحمدٍ.. هو صاحب الوحي والتنزيل، وصاحب التكريم والتفضيل، وهو صاحب الهجرة، وهو صاحب الحج وأكرم من حج بيت الله، والقائل: "خذوا عني مناسككم"، وهو صاحب الإسراء والمعراج، وهو صاحب الغزوات، وهو صاحب الأخلاق الكريمات العَلِيَّات -صلوات ربي وسلامه عليه-

مجلى الكمال الخلقي

فكان أحسن الناس خَلْقًا وخُلُقًا -صلوات ربي وسلامه عليه-، جَمَع فيه الجمال والجلال، فجعله مَجْلَى الكمال الخَلْقِي.

  • فما في عالم الخلق كمالٌ أعظم من كمال محمد،
  • ولا جلالٌ أجلَّ من جلال محمد،
  • ولا جمالٌ أجمل وأحسن من جمال محمد.
  • فإذا نُسِبَ إلى الخلائق.. أهل السماوات والأرض والأولين والآخرين منهم جمالٌ؛ فمحمد أجمل.
  •  وإن نُسِب إلى أحد منهم جلالٌ؛ فمحمد أجلّ.
  • وإن نُسِب إلى أحد منهم حقيقة كمالٍ خَلْقِيّ -أمَّا الكمال المطلق فلواحد اسمه الله- وأمَّا الكمال الخَلْقِيّ وهو كمال نسبي..

    فالأكمل محمد، ودينه الكامل، وخُلُقه الكامل، وهديه الكامل، والكمالات منه متوزعةٌ على كل مُكمَّلٍ من خلق الله -سبحانه وتعالى-.

    ولقد كُرِّمتم وقد جُعلتم أُمَّته، فالله يُحقِّق:

  • نسبتكم إليه،
  • وصلتكم به،
  • وثباتكم على دربه،
  • حتى يُتَوَفَّى كُلٌّ مِنَّا على "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، عليها نحيا وعليها نموت، وعليها نُبعث إن شاء الله من الآمنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، برحمتك يا أرحم الراحمين.

ما يترتب على متابعة النبي ﷺ

وداعِي الله -تبارك وتعالى- تترتب عليه مراتب الجمال والجلال والكمال في جميع المكلفين، ومراتب السعادة في الغيب والشهادة في الدنيا والآخرة.

  • وعلى قدر الإجابة والتلبية تكون الرِّفعة والترقية، وتكون حقائق النعيم المُعَجَّل والمؤجَّل.
  • (وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) [النور:54]، (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) [النساء:80].

فحَقٌّ أن:

  • تُعظَّم سُنَّتُه وأخلاقه وآدابه،
  • ونتمسَّك بها،
  • ونُحييها في ذواتنا وذوات أهالينا، وأهل ديارنا وأصحابنا وقراباتنا وجماعاتنا.
  • لا يُلهينا عنها أباطيلُ وأضاليلُ وزخرف القول لغربيٍّ ولا شرقيٍّ، ولا عربيٍّ ولا عجميٍّ!

    فإنَّ الجلال والجمال والكمال جعله ربُّ السماوات والأرض في ذاتِ محمدٍ ﷺ وفيما جاء به عن الله.

    فتترتب السعادات في الدنيا والآخرة على اتباعه وعلى ولائه وعلى محبته.

    و: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) [المائدة:55-56].

ماذا نُقدّم على محبة الله ورسوله!

وهكذا يُحَذِّر الحق تعالى أن نقع في شبكة عدوِّنا؛ بأن نُقدِّم في قلوبنا محبة شيء من مظاهر هذه الحياة وما فيها على حُبِّه وحب رسوله! والبرهان على ذلك: بالجهاد في سبيله. وقال لنبيه: أبلغهم هذا الخبر عني، يقول إله السماوات والأرض والحاكم يوم الدين والعرض الذي أحاط علمًا بكل شيء وهو على كل شيء قدير، يقول لعبده المصطفى البشير النذير: (قُلْ) قل لهم وبلِّغهم (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا..) قل لهم: أنا أُهدِّد مَن قدَّم في قلبه محبة شيء من هذه المظاهر عليَّ وعلى هذا الرسول وعلى الجهاد في سبيله!

فلا يتقدم شيء على محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله!

  • ومَن قدَّم شيئًا من هذه الأشياء (فَتَرَبَّصُوا)؛ تهديدٌ من الجبار الأعلى (..حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة:24].
  • وهم الذين قدَّموا في قلوبهم محبة شيء من هذه المظاهر؛ التي بمحبتها قدَر إبليس وجنده من شياطين الإنس والجن أن يفتنوا بيننا، وأن يخالفوا بيننا، وأن يضربوا بعضنا ببعض، وأن يُجَنِّدوا مِنَّا مَن ينشر الفساد ومن ينشر الضر، ومن يبيع دينه بدنيا حقيرة، ومن يَكذِب، ومن يتطاول، ومن يقتل، ومن يُسيء، ومن يَسُب، ومن يشتم.. إلى غير ذلك،
  • بسبب أن في هذه القلوب خراب: تقديم شيء من هذه المظاهر: أبناء، أزواج، إخوان، عشيرة، أموال، تجارات، مساكن.. كل مظاهر هذه الحياة، قدَّموه على الله ورسوله؛ فصاروا لُقمة لعدو الله يَقدِر أن يلعب عليهم، واستخدم مَن استخدم منهم، وجنَّدَ مَن جَنَّدَ منهم!

قلوب مخلصة في الأمة

ولكن.. على كل هذا الذي يدور في الأرض؛ فمن رب الأرض والسماء وعد:

  • أن تبقى قلوبٌ لا تبيع دينها بشيء، ولا تُقَدِّم على ربِّها ورسوله شيئًا،
  • تَصدُق وتخلص، حتى يجد ابن مريم إذا نزل من السماء للأرض في الأمة قومًا مثل حوارييه وخيرًا منهم.
  • و: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من ناوأهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون"،
  • يقول الحق -تبارك وتعالى-: (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ..) من كذَّب ومَن عاند ممن في زمانه أو يأتي بعده (..فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام:89-90]. اللهم اجعلنا منهم، اللهم اجعلنا منهم.

 

وبارك في هذه القلوب المتوجهة إليك، التي سمعت نداء نبيك: أن اشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فلَبَّت؛ فترتَّب على ذلك أنواع الخيرات القائمة بين هذه الأمة، بين أهل هذه القلوب من هذه الأمة في شرق الأرض وغربها. ومنهم الطائفة المنصورة بنصر الله، والمَرعِيَّة بعين عناية الله، والخلفاء الذين أشار إليهم بقوله: "يَحمِلُ هذا العلم من كل خَلَفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين"، "في كل قرن من أُمَّتي سابقون"، مَن يَلحَق بدرجة السابقين من أهل الصدِّيقية. وأهل الصديقية الكبرى في كل قرن موجودون من أتباع هذا المصطفى، والحمد الله على ذلك، والله يُلحقنا بهم.

صدق الولاء والمحبة

  • لا يجوز أن نُوالي أحداً من على ظهر الأرض.. مُفَكِّرا أو عبقريا أو مخترعا أو صانعا أو سياسيا أو مَلِكا أو حِزبيا.. أو يكون من يكون؛ على هذه القلوب المحبوبة لله! وهذه الطائفة التي هي محلُّ نظر الله! والخَلَف الذين ينفون عن هذا العلم تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وينفون عنه تحريف الغالين!
  • هؤلاء الموجودون على ظهر الأرض لا يجوز أن نُقَدِّم على ولائهم ومحبتهم محبة أحد، لا صاحب نظام ولا صاحب دولة! هؤلاء محل نظر رب الأرض والسماء! فمن أجله نواليهم ومن أجله نَوَدّهم!

    و: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) [المائدة:55-56]. أي لا يكون من حزب الله مَن يتولَّى غير الله ورسوله والذين آمنوا، ولكن مَن صدَق ولاءه لله والرسول والذين آمنوا هم حزب الله، وهم الذين ينصرهم الله -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-.

دعاء للأمة الإسلامية

وهكذا تمر بنا الأيام والليالي وتنقضي السنوات، ويرجع الحجاج من حجِّهم وعمرتهم وزيارتهم لزين الوجود الهادي إلى الله والدال عليه محمد ﷺ، إلى أراضيهم وإلى ديارهم. اللهم اقبلهم، وأَعِد علينا عوائد ما تفضَّلت به على كل ذي قلبٍ مقبولٍ عندك منهم أجمعين. اللهم وافتح أبواب الفرج لهذه الأمة. أحسن خاتمة عامنا هذا، وبارك لنا فيما بقي فيه من أيام معدودات وليالٍ معدودات، اجعلنا فيها من أهل السعادات والحسنى والزيادات. اللهم والعام الهجري المقبل اجعله عام فرج لأمة نبيك، اجعله عامَ صلاحٍ لأمة نبيك، اجعله عام تحويل الأحوال إلى أحسن الأحوال يا مُحَوِّل الأحوال.

اللهم ولا تجعل في مجمعنا ولا في من يسمعنا ولا في أهل ديارهم؛ إلا مَن ترتضيه وتُقَرِّبه وتُدنيه، مفتاحاً للخير ومغلاقاً للشر، ولا تجعل فينا سببًا للسوء ولا للضُّر ولا للشر ولا للفساد.

يا ربَّ العباد، يا عالم الخافي والباد، يا من منه المبتدأ وإليه المَعَاد، يا من لا يُسعِد غيره، ولا يُشقي غيره، ولا يرفع غيره، ولا يخفض غيره، يا من بيده الأمر كله: أسعدنا مع السعداء واجعلنا في خواصِّ السعداء.

اللهم هيِّئْ هذه العيون لنظر وجه الأمين المأمون، اللهم هيِّئْ هذه العيون لنظر وجه الأمين المأمون، اللهم هيِّئْ هذه العيون لنظر وجه الأمين المأمون، في الدنيا والبرزخ ويوم يُبعثون، وفي دار الكرامة، والنظر إلى وجهك الكريم يا الله. وصاحب الرسالة يقول: "الويل لمن لا يراني يوم القيامة، الويل لمن لا يراني يوم القيامة"!. فنسألك يا حاكم يوم القيامة أن لا تجعل في مجمعنا ولا من يسمعنا ويتابعنا، ولا أهل ديارهم وأهليهم وأولادهم، إلا مَن يرى ذاك الوجه يوم القيامة، يا الله .. يا الله: نعوذ بك من الحجاب، ونعوذ بك من البعد عن سيد الأحباب، ونسألك السعادة بقربه في يوم المآب.

يا ربَّ الأرباب، يا مُسَبِّبَ الأسباب، يا غفور يا تواب.. يا الله: أَجِبِ الدعاء وحقِّقِ الرجاء وبلِّغنا المُنى في أكمل الهناء، حِسًّا ومعنًى. ارزُقنا العثور على المطلب الأسنى والمشرب الأهنى، وخلِّقنا بأخلاق أسمائك الحسنى.. يا الله.. يا الله.. يا الله، وعجِّل بالفرج لأمة حبيبك أجمعين.

وتوجهوا إليه بكُلِّياتكم، وتذلَّلوا بين يديه.. يا ربنا ما لنا غيرك، فأقبل بوجهك الكريم علينا، يا رب بارك في أعمارنا وارزقنا صرفها في خير ما يرضيك عنا، واختمها لنا بأكمل حسنى.

 يا ربنا: مَن فارقناهم وفقدناهم في عامنا من أحبابنا ومن أهل ولائنا ومن أهل "لا إله إلا الله"؛ اجعل قبورهم روضة من رياض الجنة، اجعل لهم من عذابك وقاية وجُنَّة، وزِدْ أهل النعيم نعيمًا إلى نعيمهم وتكريمًا إلى تكريمهم. ومن كان معذَّبًا فبفضلك وجودك ارفع العذاب عنهم، ارفع العذاب عنهم، ارفع العذاب عنهم.

الدعاء بحسن ختام العام واستقبال العام الجديد

اللهم وما بقي من أيام العام فاجعلها لنا من خير الأيام. اللهم والعام المقبل بارك لنا وللأمة فيه، وبلغنا فوق ما نطلبه ونتمناه ونرتجيه.. يا الله.. يا الله..

(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة:127-128].

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201].

الله الله يا الله لنا بالقبول..

تاريخ النشر الهجري

23 ذو الحِجّة 1446

تاريخ النشر الميلادي

19 يونيو 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية