كشف الغمة -151- كتاب الصلاة (43) باب آداب الصلاة وما يُنهى عنه فيها وما يُباح ( 7)

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (43) باب آداب الصلاة وما يُنهى عنه فيها وما يُباح (7 )

صباح الثلاثاء 24 شعبان 1445هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  • عقص الشعر في الصلاة وحكمه
  • حكم عد الآيات في الصلاة وعد التسبيح
  • كراهة التلثم في الصلاة 
  • تسوية الحجر في موضع السجود
  • هل يشترط في الصلاة أن تكون الجبهة مكشوفة؟
  • ستر النخامة والوسخ في المسجد
  • حكم البصاق في المسجد
  • قتل الحيوانات في الصلاة
  • التحرك في الصلاة لحاجة
  • هل التبسم والضحك يبطل الصلاة؟ 

نص الدرس مكتوب:

"قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: وكان رسول الله ﷺ ينهى  أن يصلي الرجل ورأسه معقوص ويقول : إنما مثل هذا كمثل الذي يصلي وهو مكتوف، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- إذا رأى من يصلي وهو معقوص يأتيه من ورائه ويحله؛ والعقص غرز ضفر الشعر خلف القفا وإرخاؤه مضفوراً. 

وكان  يعد الآي في الصلاة، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ورأيت رسول الله ﷺ مرة يمسح العرق عن وجهه في الصلاة وربما كان يضع يده على لحيته في الصلاة من غير عبث، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: لا يغطين أحدكم لحيته في الصلاة فإنها من الوجه . 

وكان جابر -رضي الله عنه- يقول: صليت مع رسول الله ﷺ مرة الظهر في شدة الحر فكنت آخذ قبضة في يدي من الحصى فأحولها من يد إلى يد حتى تبرد فإذا سجدت وضعتها تحت جبهتي، وكان ﷺ إذا رأى نخامة في جدار المسجد تناول حصاة فحتها وقال: "إذا تنخم أحدكم فلا يتنخم قبل وجهه وعن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدمه اليسرى ويدلكها بنعله أو خفه أو رجله في الأرض، أو يبصق في طرف ردائه ويرد بعضه على بعض"، وبصق أبو بكر رضي الله عنه مرة في مرض موته عن يمينه خارج الصلاة ثم قال : ما فعلته غير هذه المرة. 

وكان ﷺ يأمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب ويقتل الوزغ، وقتل ﷺ مرة عقرباً وهو يصلي، وصلى رسول الله ﷺ كثيراً إلى جدار الحجرة فلما جلس في الركعتين خرجت عقرب فلدغته فغشي عليه فرقاه الناس فلما أفاق قال: "إن الله شفاني لا برقاكم"، وكان إذا جاءته عائشة -رضي الله تعالى عنها- أو غيرها فوجدته يصلي والباب مغلق عليه وهو للقبلة يمشي ﷺ عن يمينه أو عن شماله حتى يفتح لها الباب ثم يرجع إلى مقامه . 

وكان جابر -رضي الله عنه- يقول: رأيت رسول الله ﷺ يضحك في الصلاة فلما فرغ قلت له: يا رسول الله رأيتك ضحكت في الصلاة، فقال: "إن جبريل عليه السلام مرّّ بي وأنا أصلي فضحك إليّ فضحكت إليه"، وفي رواية: "فتبسمت إليه"، وفي رواية: "إن الذي ضحك له ميكائيل" قال المؤلف -رضي الله عنه-: ولعلهما واقعتان. 

وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: قال رسول الله ﷺ: "لا يقطع الصلاة التبسم ولكن يقطعها القرقرة"، وكان ﷺ يقول: "القهقهة من الشيطان والتبسم من الله -عز وجل-"، وتقدم في باب الأحداث الناقضة للوضوء قوله ﷺ: "من ضحك في الصلاة فليعد الوضوء والصلاة"، قال ذلك حين ضحك القوم من وقوع شخص في حفرة، والله أعلم". 

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

الحمدلله مكرمنا بدينه وبيانه على لسان عبده وحبيبه وأمينه سيدنا محمد، صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله الأطهار، وعلى أصحابه المتلقين لتبيينه، وعلى من والاهم في الله واتبعهم بإحسان في ظاهر الأمر وبطونه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، الذين جعلهم الرحمن -سبحانه وتعالى- حملة للسرِّ المصون وخزائنه، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكته المقربين، وجميع العباد الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 ويواصل الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله- ذكر الأحاديث المتعلقة بالأدب في الصلاة، وذكر النهي عن أن يعقص الرجل رأسه ويصلي، "وكان رسول الله ﷺ ينهى  أن يصلي الرجل ورأسه معقوص" أي: مشدود بشَدٍّ وملقاً إلى الخلف في الرأس أو مضفوراً بشيء من ضفائر الرأس فنهى عن ذلك ﷺ وأمر بترك الشعر كما هو يسجد لله تبارك وتعالى.

 "ويقول : إنما مثل هذا كمثل الذي يصلي وهو مكتوف- مشدود- وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- إذا رأى من يصلي وهو معقوص يأتيه من ورائه ويحله، والعقص غرز ضفر الشعر خلف القفا وإرخاؤه مضفوراً" إذن فالصلاة بهذه الصورة مكروهة، عقص الشعر في الصلاة يعني: شد ضفيرة الشعر حول الرأس كما تفعله النساء، أو يجمع الشعر فيعقده بمؤخرة الرأس. 

  • فهذا مكروه كراهة تنزيه شامل لكل من كان معقوصًا شعره قبل الصلاة، أو من فعل ذلك لأجل الصلاة.
  • وإنما قال الإمام مالك: أن الكراهة مختصة بمن فعل ذلك للصلاة. 
  • ١: أن النهي شامل؛ إن كان ذلك من قبل الصلاة أو فعله من أجل الصلاة. 

والحديث أيضًا في صحيح مسلم عن ابن عباس أنه رأى عبدالله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه فجاء وجعل يحله- يفك عقدة الرأس- فلما انصرف جاء إلى عند ابن عباس قال: ما لك ورأسي أنا أصلي وأنت تأتي تشتغل في رأسي؟  ما لك ورأسي فقال ابن عباس: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول "إنما مثل هذا كمثل الذي يصلي وهو مكتوف"، وفي رواية أخرى يقول: "ذاك كفل الشيطان" عند الإمام الترمذي وغيره، وأيضًا في الحديث يقول ﷺ "أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ علَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ ولَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ والشَّعَرَ" وهذا كفت الشعر، فقال: "فيترك الشعر يسجد مع المصلي".

 وبعد ذلك كمثل أيضًا الذي يصلي وهو مرفِّع الكمَّين يكفت الثياب بل يحل كمَّه ويصلي، والكم ممتد غير معقوص ولا مشدود، وهكذا يراعي المؤمن هيئته في الصلاة ويحرص على أن تكون على أتم الأدب والزينة والاتباع لرسول الله ﷺ عسى أن يرحمه الذي يقف بين يديه ويقبله.

 ثم ذكر العدّّ وقال: "وكان  يعد الآي في الصلاة"، وذكر أيضًا مسح العرق "ورأيت رسول الله ﷺ مرة يمسح العرق عن وجهه في الصلاة وربما كان يضع يده على لحيته في الصلاة من غير عبث".فأن يعدَّ الآيات بأصابعه هذا قد يحتاج إليه من يتأكد من استيعابه لعدد الآيات ويشك في حفظه،.

فيعد الآيات حتى يعلم أنه استوعبها وأتى بها كلها:

  • فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وكذلك صاحبان لأبي حنيفة يقولون: لا بأس بعد الآي بأصابع اليد للمصلي سواء كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً لهذا الحديث "وكان  يعد الآي في الصلاة"، وفي رواية أنس "رأيت النبي ﷺ يعقد الآي بأصابعه". 
  • قالوا: أنه قد يحتاج إلى العد لمراعاة السنن في قدر القراءة.
  • وبعد ذلك جاء عن نفس أبي حنيفة غير كلام الصاحبين: أنه يكره العد في الصلاة، 

وقد يكون العد لغير الآيات كأن يعد التسبيح مثلاً:

  •  يقول صاحب أبي حنيفة والمالكية والشافعية: أنه يجوز للمصلي عد التسبيح في الصلاة، لأن العدَّ محتاج إليه لمراعاة السنة في عدد التسبيح، خصوصًا في مثل صلاة التسبيح، خمسة عشر في القيام، وعشر في الركوع، وعشر في الاعتدال، وعشر في السجود وهكذا، 
  • ويقول وإذا اقتصرت الحركة على الأصابع فعند الشافعية: حركة الأصابع ما تضر ولو توالت؛ ولكن يفصل بين كل واحد والأخرى بالباقيات الصالحات في صلاة التسبيح. 
  • وأما الحنابلة كأبي حنيفة غير صاحبيه يقولون: بأنه يكره عد التسبيح في الصلاة. 
  • وجاء في عند الإمام أحمد: توقفه في ذلك، توقف في عد التسبيح يقول: أنه يتوالى لقصره فيتوالى حسابه فيكثر العمل، بخلاف عد الآي؛ لأنه يخاف أن يكون حركات متوالية في التسبيح، بخلاف الآيات هذا بعض كلام الإمام أحمد. 
  • وفي قول عند الشافعية: أنه ما تعد الآيات ولا التسبيحات.

وعلى كلٍّ فالمعتمد أنه ذلك جائز مادام لم يحرك الكف ثلاث حركات متوالية.

 قال:"وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: لا يغطيَنَّ أحدكم لحيته في الصلاة فإنها من الوجه" فيقولون كما تقدم معنا:

أن التلثم في الصلاة مكروه لأنه ﷺ نهى أن يغطي الرجل فاه في الصلاة.

فالتلثم يقول:

  •  الشافعية: تغطية الفم. 
  • ويقول الحنفية والحنابلة التلثم: تغطية الفم والأنف. 
  • ويقول المالكية: ما يصل لآخر الشفة السفلى. 
  • هذا التلثم فيكره للرجل وللمرأة.

 

وكان جابر -رضي الله عنه- يقول: صليت مع رسول الله ﷺ مرة الظهر في شدة الحر فكنت آخذ قبضة في يدي من الحصى فأحولها من يد إلى يد حتى تبرد فإذا سجدت وضعتها تحت جبهتي" لأن الرمضاء أحرَّت الحجر فصار صعب السجود عليها، ومع أنه يُكره أن يشتغل بتسوية الحصى في موضع سجوده وإلا فإن كان ولابد فمرة واحدة، فلا يشتغل بالتسوية للحجر في موضع سجوده ولكن هذه للضرورة، وفيه أيضًا إشارة إلى أن الجبهة تكون مكشوفة.

الجبهة تكون مكشوفة:

  • هو كذلك عند جماعة من أهل العلم وعند الشافعية: اشترطوا أن تكون الجبهة مكشوفة.
  • وغيرهم جعلها كغيرها من بقية أعضاء السجود: أنه يسجد عليها ولو بساتر.

وفي حديث لسيدنا أنس أيضاً: "كُنَّا نُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في شِدَّةِ الحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الأرْضِ، بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عليه"، ويقول ابن عباس: " لقد رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في يومٍ مَطيرٍ وهو يتَّقي الطينَ إذا سجَد بكِساءٍ عليه يجعلُه دونَ يديه إلى الأرضِ إذا سجد"، إذًا فمختَلَفٌ في السجود إذا كانت الجبهة غير مكشوفة، أما وجود ثوب أو أي شيء آخر غير ساتر للجبهة فيسجد عليه فلا ضرر ولا أثر بالاتفاق، ولكن إذا كان مشدود إلى الجبهة وساترًا للجبهة فهذا الذي فيه الخلاف بين العلماء، وفي رواية عند الإمام أحمد كالشافعية: يجب كشف الجبهة في السجود في الصلاة، أن تباشر الجبهة كما جاء عنه  ﷺ أنه قال: "إِنِّي أُرِيتُ أَسجُدَ صَبِيحَتَهَا -يعني ليلة القدر- عَلَى مَاءٍ وَطِين" ثم يقول الراوي: ورأيت أثر الطين والماء في جبهته وأرنبة أنفه، فمعناه: أنه كان يباشر بجبهته الشريفة التراب الذي يسجد عليه صلى الله عليه وآله وآله وصحبه وسلم، وجاء أيضًا في صحيح الإمام مسلم قال خباب بن الأرت: "شكَونا إلى رسولِ اللهِ  حَرَّ الرَّمضاءِ في جِباهِنا وأَكُفِّنا فلَم يُشكِنا" وفي رواية: "ما أشكانا" هكذا عند الإمام مسلم، وفي رواية يقول سيدنا خباب: " أَتَيْنَا رَسولَ اللهِ ﷺ فَشَكَوْنَا إلَيْهِ حَرَّ الرَّمْضَاءِ، فَلَمْ يُشْكِنَا" أي: أخبرنا أنه يجب وضع الجبهة على الأرض وإن كانت الأرض فيها رمضاء، فيتَبَصَّر في وضع جبهته على الأرض.

 

"وكان ﷺ إذا رأى نخامة في جدار المسجد تناول حصاة-أو عودًا- فحتها وقال: "إذا تنخم أحدكم فلا يتنخم قبل وجهه وعن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدمه اليسرى ويدلكها بنعله أو خفه -أي: إذا كانت الأرض تراب- أو رجله في الأرض، أو يبصق في طرف ردائه ويرد بعضه على بعض" وهذه طريقة تستر الوسخ وتقتل الميكروبات، "وبصق أبو بكر -رضي الله عنه- مرة في مرض موته عن يمينه خارج الصلاة ثم قال : ما فعلته غير هذه المرة" 

 

"وكان ﷺ يأمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب ويقتل الوزغ، وقتل مرة  عقرباً وهو يصلي، وصلى رسول الله ﷺ كثيراً إلى جدار الحجرة فلما جلس في الركعتين خرجت عقرب فلدغته فغشي عليه فرقاه الناس فلما أفاق قال: إن الله شفاني لا برقاكم" أي: أن الأسباب ليست فعَّاله ولكنها بقدرة الفعَّال تؤثر بحسب ما أراد هو، فالفعل فعله -جل جلاله وتعالى في علاه-، قال سيدنا الخليل إبراهيم: ( وَإِذَا مَرِضۡتُ فَهُوَ يَشۡفِينِ) [سورة الشعراء-80]، ثم أن رمي البزاق أو النخامة وغيرها من الأوساخ والقاذورات في المسجد حرام، حرام وهو من الخطيئة كما قال ﷺ: "البُزَاقُ في المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ" 

  • فإذًا كما يقول الشافعية: يحرم البصاق في المسجد مطلقًا، ويعدُّونه من المعاصي، من رأى من يبصق في المسجد قال: لزمه الإنكار عليه ومنعه منه إن قدر، كما يقول الزركشي ناقل عن شرح المهذب وكذلك يقول: "من رأى بصاقًا أو نحوه في المسجد يزيله بدفنه أو إخراجه، ويستحب تطيب محله كما جاء في الحديث" 
  • ثم يقول أيضًا: أن البصق في أرض المسجد مكروه -لا إله إلا الله- 
  • وفي رواية عن الإمام مالك: أنه إذا كان المسجد مُحَصَّبًّا -به الحصبة- فلا بأس أن يبصق عن يساره وتحت قدمه، ولكن لا يبصق في حائط القبلة. 
  • وكذلك يقول الحنابلةيُسَنُّ أن يُصان المسجد من بزاق ولو في هوائه، "البُزَاقُ في المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ -فإن كان أرضه حصبة- وكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا"، وإن لم تكن حصبة مسح النخامة بثوبه أوغيره، القصد إزالتها

وأمَّا حتى خارج الصلاة ينبغي أن يبصق على اليسار لغير جهة القبلة، أو تحت القدم.

قالوا أيضًا في قتل الذي يُسَن قتله من الحيوانات وهو في الصلاة:

  • قالوا: إذا لم يكن ذلك بحركات متوالية فيمكنه أن يقتله، 
  • قال المالكية: إذا كان العقرب والثعبان مقبل عليه؛ فأما إذا كانت منصرفة عنه فينبغي أن يشتغل بصلاته، ثم بعد الصلاة يروح يقتلها إذا وجدها.

"وكان إذا جاءته عائشة -رضي الله تعالى عنها- أو غيرها فوجدته يصلي والباب مغلق عليه وهو للقبلة يمشي ﷺ عن يمينه أو عن شماله حتى يفتح لها الباب ثم يرجع إلى مقامه"  

  • وحمل ذلك الشافعية وغيرهم: على أنه لم يكن بالتوالي. 
  • وهكذا يقول الحنفية في عدم التوالي إن المأموم:
  • إذا مشى في صلاته إلى جهة القبلة مشيًا غير مُتدَارك، ومشى مقدار صف ثم وقف قدر ركن، ثم مشى قدر صف آخر وهكذا، لا تفسد صلاته 
  • يقولون إلا إن خرج من المسجد فيما إذا كانت الصلاة في المسجد. 
  • أو تجاوز الصفوف فيما إذا كانت الصلاة في الصحراء، قال: فإن مشى مشيًا متلاحقًا بأن مشى قدر صفين دفعة واحدة أو خرج من المسجد فسدت صلاته، هكذا يقول الحنفية في حكم مشي المأموم، 

ويقولون إن كان إمام: 

  • فمشى حتى جاوز موضع سجوده إن كان ذلك مقدار ما بينه وبين الصف الذي يليه لا تفسد، 

وإن كان أكثر فسدت، 

  • والمنفرد المعتَبَر في موضع السجود لا يتجاوز في المشي موضع السجود. 
  • ثم يقول أيضًا المالكية: الصلاة لا تبطل بمشي المصلي صفين لسترة يقربُ إليها أو لدفع مارٍّ يمر بين يديه، أو لإذهاب بدابة أو لسدِّ فُرجَة في صف قبله.
  •  يقول الشافعية: المشي أكثر من خطوتين متوسطتين مبطل للصلاة، ولكن يمشي خطوة أو خطوتين ويقف، ثم خطوة أو خطوتين ويقف، فيفصل بينها حتى لا تكون ثلاث متوالية، فإذا خَطَى ثلاث خُطَى متوالية بطلت صلاته، وتحصل الخطوة بمجرد نقل الرِّجل إلى أمام أو غيره، فإذا نقل الثانية صارت خطوة ثانية، بخلاف للقول: بأن نقل القدمين خطوة واحدة.
  •  ثم كذلك يقول الحنابلة: ما تقتضيه صحة الصلاة من المشي، مع إمامه جائز، كما إذا كَبَّر مستقل منفرد عن الصف وحده خلف الإمام، ثم تقدم يمينه أو يساره، وكان هووحده كَبَّر خلف الإمام فينصرف إلى عن يمين الإمام، أو الإمام يتقدم بين يديه. وكذلك يقولون: إن المشي هذا كثير إذا كان لضرورة، كخوف أو هرب من عدو أو نحوه أنه لا تبطل الصلاة عندهم، وإن لم تكن ضرورة بطلت الصلاة هذا ما يقول الحنابلة. 
  •  

"وكان جابر -رضي الله عنه- يقول: رأيت رسول الله ﷺ يضحك في الصلاة -أي: يتبسم- فلما فرغ قلت له: يا رسول الله رأيتك ضحكت في الصلاة، فقال: "إن جبريل -عليه السلام- مر بي وأنا أصلي فضحك إليّ فضحكت إليه"، وفي رواية: "فتبسمت إليه، وفي رواية: "إن الذي ضحك له -سيدنا- ميكائيل" ويقول الإمام الشعراني: "ولعلهما واقعتان"، مرة كان سيدنا جبريل ومرة كان سيدنا مكيائل فإنهم يترددون عليه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، حسب ما يأذن الحق لهم، (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ) [سورة مريم-64] لمَّا قال لسيدنا جبريل: "ما منعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟"  فقال له: إني أشتاق إليك وأحب أن أزوركم لكننا (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ) [سورة مريم-64] نترقَّب الإِذن فما أَذِن لنا جينا إليك -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-

 أما تجاوز التبسم إلى الضحك:

  • فيرى الأئمة الثلاثة: أن الصلاة تبطل بالضحك إن كان قهقهة ولو لم يَبِن حرف.
  • لكن الشافعية قالوا: إن ظهر بالضحك حرفان أو حرف مُفهِم بطلت الصلاة، وإلا فالبطلان فيها من جهة الكلام وإلا فلا يعني؛ فالبطلان عندهم من جهة الكلام لا نفس الضحك. 

وأمَّا القهقهة في الصلاة:

  • فتبطل الصلاة عند الحنفية؛ بل تبطِل الوضوء أيضًا، تنقض وضوء صاحبها.
  • وقيَّد الشافعية البطلان بظهور حرف. 

فأمَّا التبسم وما نحوه فما تفسد به الصلاة عند جمهور الفقهاء لأنه ما فيه كلام.

والرواية الثانية اللي عند الدار قطني والطبراني في المعجم الكبير يقول سيدنا جابر: "كنَّا نُصلِّي مع رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غزوةِ بَدْرٍ، إذ تبسَّمَ في صَلاتِه، فلمَّا قضى الصَّلاةَ، قُلْنا: يا رسولَ اللهِ، رأَيْناكَ تبسَّمْتَ؟ قال: مَرَّ بي مِيكائيلُ، وعلى جَناحِه أثَرُ غُبارٍ وهو راجعٌ مِن طلَبِ القومِ، فضَحِكَ لي، فتبسَّمْتُ إليه" ﷺ. 

يقول الأئمة الثلاثة: 

  • لا يعتبرون القهقهة من مبطلات الوضوء ولكن تبطل الصلاة عندهم.
  • إلا الشافعية عندهم إن لم يظهر حرفان أو حرف مُفهِم لا تبطل الصلاة.
  • ولكن الحنفية قالوا: القهقهة في الصلاة إذا حدثت من مُصلٍّ بالغ أيضًا في صلاة ذات ركوع وسجود بطلت الصلاة وأبطلت الوضوء، فعليه أن يعيد الوضوء أيضًا ويعيد الصلاة.

 

إذًا فالتبسم: ما لا صوت فيه ولو بدت أسنانه، والضحك: ما يسمعه هو ودون مَن حواليه، والقهقهة: ما يسمعه من حواليه، فالتبسم ما يبطل الصلاة بالاتفاق عندهم.

 

"وكان ابن عباس -رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله ﷺ: "لا يقطع الصلاة التبسم ولكن يقطعها القرقرة"، وكان ﷺ يقول: "القهقهة من الشيطان والتبسم من الله -عز وجل-"، وتقدم في باب الأحداث الناقضة للوضوء قوله ﷺ: "من ضحك في الصلاة فليعد الوضوء والصلاة"، قال ذلك حين ضحك القوم من وقوع شخص في حفرة، والله أعلم".

 

رزقنا الله الإقامة للصلاة على الوجه الأحب إليه، وربطنا بسرِّها ونورها، وجعلنا من خواص أهلها حتى يُرَقِّينا في مراقيها، ويجعل لنا من سرِّ الصلاة والزكاة والصيام ما به نرقى مع خواص الأنام في الصلة بإلهنا الملك العلام، والإقتداء بحبيبه خير الأنام، حتى نُحَصِّل من حقائق الإسلام والإيمان والإحسان ما به نرقى أعلى مقام في مراتب الصدق مع الحق، والإخلاص لوجه والصدق مع من صَدَق، ووقانا الغفلات ووقانا -سبحانه- الوساوس، ووقانا الإلتفات لما سواه بوجهنا وبقلبنا وبنية، ورزقنا الاخلاص وصفاء الطوية، ورقَّانا مراتب القُربية مع أهل الخصوصية في خير ولطف وعافية وإلى حضرة النبي محمد ﷺ.

 

 

بسرّ الفاتحة 

إلى حضرة النبي محمد اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

29 شَعبان 1445

تاريخ النشر الميلادي

09 مارس 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام